ماذا يجري في فلسطين ؟ بدأت الأحداث في القدس الشريف بتطاول المتطرفين الصهاينة على حرمة المسجد الأقصى ، و بالإعتداء على المتعبدين الفلسطينيين في ثالث الحرمين، و عندما استخدم المتطرفون السلاح ، دافع الفلسطينيون عن أنفسهم ، فظهرت قوات الاحتلال الإسرائيلي بينهم، واستشهد أكثر من عشرة مقادسة ، فبادرت المقاومة للرد ، وكان التصعيد الإسرائيلي الجوي الهمجي . من الذي أشعل فتيل التصعيد ، و ما أهدافه ، و ما معنى كل ما يجري ؟؟
الواضح أن نتنياهو لم يجد حلاً للاستعصاء في تشكيل حكومته ، إلا كسب المزيد من أصوات المتعصبين اليمينيين ، فاستفز المسلمين المتعبدين في ليلة القدر بالمسجد الأقصى ، و ترك الحاخامات ينظمون مسيرة «الموت للعرب» في القدس ، و طور نتنياهو استفزازه بقتل الفلسطينيين ، لتتحرك الفصائل لمقاومته دفاعاً عن القدس و أهلها ، فأعمل طائراته في حرق غزة و تدميرها ، لينصّب نفسه بطلاً لليمين و العصب الصهيوني ، ليكسب المزيد في الانتخابات .
هناك من يرى أن هدف سلطات الاحتلال الإسرائيلي جميعها ، و ليس نتنياهو فقط ، من وراء التصعيد ، تعطيل الوصول إلى اتفاق أميركي مع إيران حول البرنامج النووي ، و الحجة الإسرائيلية ، أن الصواريخ التي تستعملها المقاومة في الدفاع عن نفسها صواريخ إيرانية ، و أي اتفاق مع طهران سيجعلها أقدر على تطوير هذه الصواريخ التي تزود المقاومة بها ، و قد سمعنا جميعاً عن النواب الجمهوريين الأربعين في الكونغرس الذين يطالبون بايدن بعدم إلغاء العقوبات عن إيران .
تطور الأمور نتيجة التصعيد فاجأ «إسرائيل» خاصة أن صواريخ المقاومة وصلت إلى «تل أبيب» ، و انتفض العرب في المدن المختلطة ، و عمت التظاهرات الاحتجاجية اللد و حيفا و يافا و كل بقعة من فلسطين المحتلة، الأمر الذي وضع «إسرائيل» أمام جيل فلسطيني جديد أكثر تمسكاً بقضيته ، كما أن المقاومة عادت لتستعيد حضورها الشعبي الفلسطيني و العربي كمعبر أساسي عن فلسطين و هكذا عادت القضية الفلسطينية – كقضية مشتعلة – تشغل العالم ، و تشحن العرب ، و تضع «إسرائيل» أمام حقيقة ثابتة تؤكد أن الحق الفلسطيني حي نابض لا يلغيه رئيس أحمق كترامب ، يدعي بحق «إسرائيل» في القدس، و هي عاصمة فلسطين و روحها المقدسة . كما تؤكد هذه الحقيقة أن القضية الفلسطينية لا تطمس و لا تغيب بأي اتفاقات تطبيع لا تقوم على إرجاع الحق لأصحابه .
من الواضح أن أميركا بايدن بانحيازها لـ«إسرائيل» تحافظ على كونها جزءاً من المشكلة، و ليست جزءاً من الحل، كما قالت «الواشنطن بوست »نفسها . و بعد «البلاوي» الصهيونية التي ارتكبها ترامب بحق الشعب الفلسطيني و الأمة العربية ، يأتينا بايدن البليد تجاه قضايا العرب ، و خاصة فلسطين ، و بين حماقة ترامب و بلادة بايدن تستمر فلسطين ضحية السياسة الغربية الصهيونية الفاشية ، و لكن ما يظنه نتنياهو تصعيداً يقتل القضية الفلسطينية ، ما هو إلا تصعيد – رغم عدوانيته و فاشيته و عنصريته – أيقظ و يوقظ القضية عبر أجيال فلسطينية و عربية أكثر تمسكاً بقضيتها ، و هذا ما يهد مشاريع الغرب الصهيوني بدءاً من القدس و فلسطينها .