تقود جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا “انقلاباً” على مسارات الحوار السياسي، بغرض تعطيل الانتخابات العامة المقرر عقدها في 24 كانون الأول المقبل، وتأتي هذه التحركات بعد فشل محاولتهم منع انتخاب رئيس الدولة بالاقتراع المباشر، عبر أشخاص تابعين لهم في اللجنة القانونية التابعة لملتقى الحوار السياسي، المسؤولة عن صياغة القاعدة الدستورية للانتخابات.
لذلك يسعى “الإخوان” إلى تعطيل التعيينات الجديدة في المناصب الليبية السيادية، بعد أن ظهر لهم خلو قوائم المرشحين من أذرعهم القديمة، وخاصة رئيسي المصرف المركزي وديوان المحاسبة.
وقد يشمل هذا التعطيل محاولة لخلق توتر وفوضى جديدة في البلاد، أو تعطيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة نهاية العام.
وظهر بوضوح غضب “الإخوان” في خطاب المجلس الأعلى للدولة، الذي يسيطر عليه التنظيم، إلى مجلس النواب، حيث دعاه إلى “عقد المزيد من اللقاءات” للتباحث حول الأمر، بدلاً من النظر في قوائم الترشيحات التي أحالتها لجنة تابعة لـ”النواب”.
وكشفت مصادر مطلعة، عن قلق قيادات التنظيم من حسم الأمر، لأن بعضهم يرون ذلك نهاية لحضورهم في مؤسسات الدولة، وبالأخص مجلس الدولة “الذي لن يكون له أي وجود، حال إتمام التغيير في المناصب السيادية.
ويرى مراقبون أن “الإخوان” يبدون امتعاضهم من تولي مجلس النواب زمام الأمور والمبادرة في المشهد السياسي الآن، ورفضه، الشهر الماضي، مشروع الميزانية العامة المقدم إليه دليل على ذلك، مبدين تخوفهم من إمكانية إصداره إعلاناً دستورياً لإقرار رؤيته فيما يخص المناصب السيادية.
ولعل الخوف الأكبر لدى التنظيم هو موافقة مجلس النواب على حسم ملف المناصب السيادية قبل اعتماد الميزانية، ليضمن مراقبة حكومة الوحدة الوطنية، وتوحيد المؤسسات المالية والرقابية التي لازالت منقسمة حتى الآن.
ويبدو أن الإخوان يدركون أن الأمر يهدد بإخراج شخصين عاثا فساداً، وكانا عصا التنظيم لتجويع وتركيع الليبيين، وهما محافظ المصرف المركزي الصديق عمر الكبير، ورئيس ديوان المحاسبة خالد شكشك.
لذلك يجد الإخوان في مجلس الدولة “ملاذهم الأخير” الذي سينتهي إذا تم تغيير المناصب السيادية، وسيسعى رئيس المجلس الأعلى للدولة إلى المماطلة في إطار مناورة للتنظيم تهدف إلى استغلال التوافق داخل مجلس النواب بخصوص المناصب، كي يؤخر اعتماد الميزانية، فهذا التأخير سيخلق احتقاناً شعبياً لأنه يتسبب في توقف الخدمات، وتعطيل دعم المفوضية العليا للانتخابات، وبذلك يكون التنظيم إما كسب عودة جديدة لمربع التوتر في البلاد أو عرقلة للانتخابات نهاية العام.
باختصار مناورات “الإخوان” محاولة سياسية لتعويض الخسائر التي تلقاها مؤخراً بانحسار دوره في العملية السياسية.
حيث تلقى مؤخراً ضربات عدة بعضها كان من داخله، حيث كانت آخر تلك الضربات تقديم عدد من أعضاء التنظيم في ليبيا استقالات جماعية وإعلانهم إغلاق مكتب الجماعة بمنطقة الزاوية اعتراضًا على ما تتعرض له البلاد.
الليبيون اعتادوا على مثل هذه المناورات الفاشلة من جماعة أساس فكرها متطرف.