استيراد بذور القطن يهدد المحصول.. فهل تفعلها الصناعة و«الموسم» على الأبواب؟!
في سابقة خطيرة أعلنت وزارة الصناعة نيتها استيراد بذور القطن بغية توفير المادة الأولية لمعامل الزيوت وخاصة بعد اعتماد المواطنين على زيوت بذور القطن نتيجة عدم مقدرتهم على شراء الزيوت النباتية التي ارتفعت أسعارها على نحو غير مقبول، وبغض النظر عن مشروعية الطرح القاضي بتشغيل معامل الزيوت وتأمين هذه المادة الأساسية للمواطن لكن بالمقابل يمثل تنفيذ هذه الخطوة خطراً فعلياً على محصول استراتيجي كان يعد من أفضل الأنواع عالمياً، خاصة أن هذا الطرح يأتي في وقت تحررت فيه نسبة كبيرة من الأراضي في المحافظات المشهورة بزراعة هذا المحصول، الأمر الذي يتطلب البحث عن بدائل أخرى ولاسيما أنها متوافرة بدل الغرق في مستنقع الاستيراد وفاتورته الضخمة.
مدير مكتب القطن المهندس وضاح القاضي أكد أن خطوة التفكير في استيراد بذور القطن طرحت في ظل نقص الكميات الموردة من المناطق الشرقية الواقعة تحت سيطرة ميليشيا «قسد» ، حيث لم تُورد من الموسم الفائت سوى كميات قليلة في ظاهرة غير مسبوقة، علماً أن المساحات المزروعة في هذه المناطق كانت تبلغ 79% من إجمالي المساحات المزروعة في سورية لكن لم يتم الوصول إلى مراكز الاستلام سوى 21% فقط وهذه كميات قليلة وغير كافية لتأمين المواد الأولية لمصانع الزيوت.
لكن رغم هذا الواقع شدد القاضي على ضرورة التريث باتخاذ قرار استيراد بذور القطن باعتبار أن هناك بدائل متاحة قبل تطبيق هذه الخطوة، وذلك عبر الطلب من صناعيي القطاع الخاص ممن يملكون معامل الزيوت التواصل مع الفلاحين في هذه المناطق وتوريد الأقطان إلى المراكز المعتمدة، خاصة أن هذه الخطوة تبقى أوفر بكثير من تأمين بذور القطن استيراداً.
وأكد القاضي إمكانية التريث باتخاذ قرار استيراد بذور القطن حتى الموسم القادم الذي أصبح على الأبواب تقريباً وخاصة في ظل التوقعات بأن يكون الموسم الحالي أفضل من سابقه ولاسيما في ظل تحرير معظم الأراضي في المحافظات التي تزرع هذا المحصول الاستراتيجي، الذي يحظى بدعم حكومي كبير بغية تشجيع الفلاحين على زراعته.
ولفت إلى أن استيراد بذور القطن في هذه الفترة يمثل خطورة على الموسم بحيث يمكن أن يحصل خلط وراثي بين البذور المنتجة محلياً والمستوردة، الأمر الذي يؤثر في جودة المحصول ونوعيته ويتسبب في خسائر كبيرة للفلاحين والخزينة.
الأمر ذاته أشار إليه زاهر العتال – مدير عام المؤسسة العامة لحلج وتسويق الأقطان، الذي رأى أن قرار استيراد بذور القطن هو من اختصاص وزارة الصناعة، التي طرحت هذه الفكرة في ظل حاجة معامل الزيوت إلى بذور القطن لتصنيع الزيوت والحاجة الماسة لتغطية حاجة البلاد من هذه المادة.
واستدرك حديثه بالإشارة إلى أن فكرة استيراد بذور القطن مرفوضة عموماً ولاسيما أنها المرة الأولى التي تلجأ فيها سورية إلى التفكير باستيراد بذور القطن، فالمحصول المحلي يعد من أجود الأنواع وأفضلها، ومن الخطأ اللجوء إلى أنواع أخرى من بلدان أخرى وخاصة في هذه المرحلة، الأمر الذي يفترض فيه التريث باتخاذ خطوة استيراد بذور القطن أقله حتى بدء الموسم القادم ومعرفة نتائج زراعة الفلاحين لأراضيهم وخاصة أن التوقعات تشير إلى تحسن في الكميات المزروعة.
وأوضح أنه من الأفضل الانتظار قرابة 6 أشهر ولاسيما في ظل اتخاذ إجراءات حكومية داعمة لتشجيع الفلاحين على زراعة أراضيهم بمحصول القطن الاستراتيجي، خاصة أن عمليات الاستيراد تحتاج إلى وقت طويل يكون فيها موسم قطف القطن قد حان، متوقعاً أن يكون موسم القطن هذا العام أفضل من سابقه، خاصة أن الحكومة اعتمدت على خيار تسعير القطن قبل زراعتها على نحو يشجع الفلاحين على زيادة المساحة المزروعة.
واتفق العتال مع مدير مكتب القطن بإمكانية اللجوء إلى حل بديل عبر قيام الصناعيين من أصحاب معامل الزيوت في القطاع الخاص بتأمين حاجتهم من بذور القطن والتوجه إلى تصنيع الزيوت محلياً بدل استيرادها، والذي سيؤدي إلى زيادة التكلفة على المواطن لكونه أكثر تكلفة من التصنيع المحلي، كما أن عمليات الاستيراد سيكون لها تأثير سلبي على منتج استراتيجي كالقطن لاحقاً في حال السماح باستيراد بذوره وفتح الباب لهذا الأمر خاصة على المدى البعيد.