في خطابه أمام الجمعية الاتحادية، رد الرئيس بوتين على تهديدات الغرب و على المخاطر التي تحوق بروسيا ، معلناً خطوطه الحمر، موضحاً أن رد روسيا سيكون قاسياً و قوياً على أي تجاوز لخطوطها الحمر، مضمناً خطابه رسالة تكشف منهجيته في بناء قوة و عظمة روسيا ، وهي المنهجية التي تعتمد على المواطن الروسي .
منذ الكلمات الأولى للخطاب أوضح بوتين , أن همّه منصب على الداخل و على قضايا الحياة للمواطن الروسي ، و في شرحه بيّن الحقيقة التي يعتمدها ، القائلة إن تحسين حياة المواطن الروسي و الإرتقاء بمستوى عيشه و أمانه الاجتماعي هو ما يرتقي بعظمة روسيا و قوتها .
و لتأكيد استراتيجيته المعتمدة على تحسين حياة المواطن ، شرح بوتين بالتفصيل استراتيجية الدولة في هذا الإطار، و أفرد للجانب الصحي مساحة واسعة , ليتحدث عن خطر وباء كورونا ، و سبل استكمال مواجهته . خاصة أن روسيا أنتجت ثلاثة لقاحات فعالة و ناجحة ، محولة محنة الوباء إلى فرصة للدخول في ثورة للعلوم الطبية، و فصل في رعاية تعليم الأطفال و توفير الحياة المريحة للأسرة ، و لم يترك شاردة أو واردة ، من توفير الدعم للسياحة الداخلية , و سياحة الطلاب , إلى مساندة المرأة المطلقة التي تربي أطفالها أو الأم العزباء ، و اعتبر أن مهمة الدولة تحفيز المواطن على الإنتاج و الإبداع ، بتوفير متطلبات الحياة المريحة له و لأسرته .
كانت واضحة الإشارة الضمنية التي أرسلها بوتين بعدم التطرق للأزمة مع أوكرانيا ، و بعدم الاهتمام بالعقوبات ، و هي الإشارة التي تقول إن روسيا , بقوة حياة مواطنيها , تخلق قوتها القادرة على تجاوز كل ما يهددها لتظل في مكانتها الدولية , و ما إعلان بوتين في خطابه، إلّا رد روسيا القاسي على أي تجاوز لخطوطها الحمر متبوعاً بعرض الحوار و التعاون مع الآخرين . مقترحاً على دول مجلس الأمن الخمس اجتماع قمة للاتفاق على منظومة تعاون استراتيجي دولي تحفظ الأمن و المصالح ، كذلك عرض بوتين انفتاح روسيا أمام الاستثمارات الغربية ، متعهداً بتأمين ضمانات مصرفية كافية لأمان أي إستثمار ، و ما كان إعلان كل ذلك من بوتين إلا رسالة يعرض فيها قوته و انفتاحه و استعداده للحوار و التعاون .
بوتين , لا يرد على الغرب فقط، بل هو يغذي مسار بناء روسيا اعتماداً على مواطنها بتحسين حياته ، و تحفيزه للإنتاج و الإبداع ، إضافة إلى أنه – بوتين – يؤكد أن إيديولوجيته المضادة لليبرالية الأميركية باعتماد نهج اقتصادي سياسي اجتماعي ، يعتمد حرية الأسواق مع ضمان توازنها و يحتفظ سياسياً بالتزام المصالح و المبادئ و يكرس اجتماعياً العائلة . إنه نهج يقوم على المواطن ( لا الفرد ) و على المجتمع المتماسك برباط الدولة الجامعة , الموحدة, الحامية , العادلة , القادرة …. و بذلك يقدم بوتين النموذج الروسي بمواجهة النموذج الغربي الأميركي الليبرالي ..