خطوات في الاتجاه الصحيح .. فهل تستثمر بكامل أبعادها؟

كان لوقع التغييرات التي أجرتها الدولة على مسارين متكاملين النقدي والأسعار صدى إيجابي من البعض وانتظار من الأغلبية بمراقبة النتائج المرتقبة منهما, وهما أساسيّان بحكم الظروف القاسية التي وصلنا إليها بسبب الحصار الجائر والإجراءات القسرية أحادية الجانب المفروضة على سورية من صعوبة المعيشة وصعوبة تأمين متطلباتها في ظلّ فجوة كبيرة بين القدرة الشرائية لأغلبية المواطنين وبين مستوى الأسعار, ما انعكس على حجم الأموال اللازمة لتأمين الحدود الدنيا من المعيشة, وخاصة الغذائية والصحية والتعليمية وغيرها.
هذه الصعوبة التي نجمت عن تضخم كبير ناجم عن ارتفاع سعر صرف تكاملت قوى متعددة كثيرة للوصول إليه وسط نقل هذا السعر, والذي كان أغلبه نتيجة مضاربات خارجية وتهريب وتجفيف العملة ونقل تأثيره عبر اتجاهين أولهما: تسعير الذهب على أساسه, وثانيهما: فوضى أسعار كبيرة عبر منظومة لرفعها وسط معدلات تفوق حتى سعر الصرف, والذي ارتفع خلال أسبوع بمعدل تجاوز الضعف, وسط ترقب وانتظار المصرف المركزي ووسط تغاضي مؤسسات منوطة بضبط الأسعار و ازدياد معدل الفقر والحاجة والفاقة, وهذه الضغوطات الإرهابية ترافقت بازدياد الخنق الاقتصادي وعرقلة توريد الحاجات الضرورية, ومنها مواد الطاقة بأنواعها, وهو ما انعكس على كل مجالات المعيشة, وتالياً جاء توقيت الإجراءين في وقت إسعافي إنقاذي وحاجة ملحة, وهذا التوقيت يعطي مبررات اتخاذهما والأول هو تغيير نقدي تمثل برأس الهرم لإدارة المصرف المركزي ورفع سعر الحوالات في هذه الفترة, والتي هي من أكثر الفترات التي يرسل بها الأهل والأقارب بمناسبة الأعياد, وكذلك إمكانية شراء الدولار بسعر تفضيلي عبر شركتي صرافة, و كذلك تسعير الدولار بـ٢٥٠٠ للحوالات وبـ٢٥١٦ للتجار, وهي خطوة عدت نوعاً من التدخل الإيجابي, والذي جذب مزيداً من العملة وهذا الإجراء تلا ضبط الحدود وإغلاق شركات صرافة كانت تعتمد الأساليب غير القانونية لتمرير الحوالات والتشدد بترشيد الاستيراد, وكذلك بعض التغيرات السياسية, والأريحية في بعض الملفات, وهو ما انعكس إيجاباً وسط تفاؤل شعبي وسلطوي بكسب الكثير من الإيجابيات, وترافق هذا مع قانون جديد لحماية المستهلك ضاعف العقوبات وزاد صلاحيات هذه الوزارة ليكون أداة رادعة لكل من يزيد الأسعارأو يتلاعب بالجودة أو بالوزن والمكيال وسط تأسيس ضابطة تموينية وفرض عقوبات على كل من يثبت تلاعبه أو تغاضيه من موظفي الوزارة, وكذلك حدّد هذا المرسوم أن من وظائف الوزارة تحديد الأسعار عبر لجان شهرية أو أسبوعية مركزية للمواد الأساسية, ومحلية للمواد محلية الإنتاج, وهو ما جعل الكثيرين يعيدون حساباتهم, وهذه الإجراءات قد أثرت في الأسواق والأسعار وأعطت أفقاً ولكن لابدّ من المتابعة والمراقبة بهدف تحقيق الأهداف والغايات, واعتماد الاقتصاد القياسي وتصحيح الانحرافات والتعديل كلما احتاجت الظروف والعمل بهما, لطالما بقيت الضغوطات والصعوبات والعقوبات الظالمة القاسية غير الشرعية واللا إنسانية, ولطالما بقي العدل والقانون الدولي مغيبين, وتالياً في كل وقت قد نجد مستجدات وأساليب إرهابية جديدة لذلك يجب أن تكون القرارات والقوانين مرنة لتطويقها.
من المؤكد أن الغاية من الإجراءات حول سعر الصرف هي جذب أكبر كمية من العملة الأجنبية وسط معرفة أن أغلبية الأموال السورية ستحرك السوق الراكدة تضخمياً في أغلب القطاعات التي حاجاتها غير آنية, وتالياً لن يضغط على المواد المحدودة وصعبة التوفير, ولاحقاً سيكون هناك تغيير بالأهداف والغايات وبالأدوات لتحقيق الغايات.
ما يهمنا هو تحسين مستوى المعيشة, الذي لطالما كان الهدف وأهم الخطوات تجاهه تنزيل سعر الصرف وتخفيض وضبط الأسعار, وهو ما كان مع الاستمرار بالأسلوب المتبع من مِنحٍ دورية أو تحسين المعيشة عبر تحسين المكافآت والأجور وبانتظار ما ستعطيه الإجراءات الأخيرة على سعر الصرف والأسعار, وتالياً تخفيض التضخم وتحسين المعيشة عبر اللعب على بند التكاليف اللازمة له عبر تخفيض الأسعار وخفض تكاليف الإنتاج.
وكذلك الاستمرار بالإدارة الرشيدة والتقشف وبرمجة البطاقة الذكية بالشكل الذي يحلّ مشكلات الطوابير ويخفف من الأزمات ومعاناة المواطنين ومن أهمها الخبز, الذي لا يعجز عن حله عبر توسيع منافذ البيع أفقياً وعمودياً.
الجميع بانتظار الاستثمار الصحيح في ظل ضغوطات كبيرة وقوية من كل الاتجاهات وصمود شعبي كبير, وهذان الإجراءان إن استثمرا بشكل صحيح سيكونان جسراً لتجاوز أهم الظروف والمراحل الصعبة التي مرت على بلدنا..

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار