بين الآن، والدقيقة صفر من عمر هذا الكون يستضيفني حلم لطالما مللت البحث عنه، لكنه حقيقة توقظ أجفاني لأسلك الدروب الوعرة وأنا مغمض العينين.. هو ليس هاجساً فردياً، وإنما هو الإنسان بطموحاته، بكبريائه، بانكساراته، بتعفن الوحل تحت قدميه، وهو لا يطيق النظر بعين العارف إلى الخطوات السالفة التي شكلت الجزء الأكبر مما هو فيه، الكلّ يظن أن الفناء بمنأى عنه، لهذا نبتكر في سرنا الأعمق الحروب، ونذاكر في العلن جدول الضرب بأرقام ريانة بالفجيعة والقهر والسؤدد المفتعل، وحدها الأحلام قادرة أن تعيد لنا توازننا غير المستحب، وحدها الأحلام من تجعل الوسادة غابة متناقضات تستجير بنا لنعيد تأنيث أشجارها، أزهارها، دروبها المعشوشبة بتقلبات الفصول، وزغاريد طيورها المشبعة بما أخفيناه في داخلنا أثناء تدحرجنا داخل دائرة اليقظة، وما يليها من دموع ..
-هل يبكي الطير ذاته، وهو يحلق بالفضاء ؟!..
– دائماً تحرجنا الإجابات، ودائماً نبرر عجزنا عن التحليق داخل فضاء الأسئلة باجترار الكذب، والخدع الملونة بالنابلم الذي يستلهم منا الحرائق لنعيش معاً داخل ما تخلّفه النيران رماداً، لهذا مازال هذا العالم يعلّق آماله على ناتج الأرقام الذي تلده مخلفات الصفر إذا ما جفت منابع الأحلام فينا !!..
– تبادرني حقيقة أخرى بعيدة عن المعرفة، لكنها وليدة زمن بات كل ما يدور في فلكه رهين محبسين؛ محبس لكل ما جناه الفقر من أرقام ألبسته إياها ويلات الحروب، ومحبس يعيد جمع تلك الأرقام في صالونات التجميل على هيئة شيكات إقصائية لن تصبو إلّا لإنتاج الحرب من جديد:أهي الحقيقة، يسألني الحلم ؟!… إذا كان لا بدَّ من جواب، فسيكون التعب حليفي البكر، سيتطلب مني الجواب السير في مسالك الطرقات ليلاً، للبحث عن زهرة مرصودة منذ الأزل لتأنيث ياقة الحلم بألوان لا تدركها الحقائق!!.. إذا كان لا بدَّ من جواب، فيجب البحث عن الآن في النقطة الموازية تماماً للحلم الذي هزمك عندما كنت خائفاً من أن تسأله عن اسم من كانت لك عنوان !!.