طلب الاتحاد الأوروبي من تركيا تفسيراً لموقف الرئيس التركي من فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية بعد أن أهانها بروتوكولياً أثناء استقباله لها وللوفد الأوروبي في الوقت الذي تنفي فيه تركيا تعمد الإهانة.
وقد أكّدت أنقرة أن طريقة جلوس رئيسة المفوضية الأوروبية خلال لقائها مع الرئيس التركي جاءت تماشياً مع مطالب ومقترحات الاتحاد الأوروبي، نافية تعمد إهانتها في حين طلب البرلمان الأوروبي تفسيراً للموقف الذي أثار غضباً شديداً في دول الاتحاد الأوروبي وخاصة في فرنسا.
وقد حاول وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو تبرير الموقف مدعياً أن الجانبين التركي والأوروبي اتفقا على البروتوكول قبل الاجتماع الذي عقد مع أردوغان مؤخراً، وأكد أن ترتيب المقاعد جاء وفقاً لمقترحات الجانب الأوروبي واصفاً الانتقادات الموجهة لبلاده بأنها جائرة للغاية.
جاءت تصريحات الوزير التركي بعدما أعربت المفوضية الأوروبية عن خيبة أملها من اضطرار رئيستها للجلوس على أريكة جانبية، بينما دعي رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل الذي كان يرافقها في الزيارة للجلوس على الكرسي الوحيد الذي كان بجوار أردوغان خلال زيارتهما للقصر الرئاسي، ما يؤكد وجود تمييز في تركيا على أساس الجنس، أو تعمد إهانة أردوغان للمفوضية الأوروبية.
وقد عبرت الكتل السياسية الكبرى في البرلمان الأوروبي عن أسفها لما حدث والذي أظهر عدم وحدة الموقف بين رئيسي المفوضية والمجلس خلال لقائهما أردوغان، حيث طلب منهما المجيء وتفسير ما حدث في جلسة عامة.
وفي السياق ذاته قال الألماني، ما نفريد فيبر، رئيس كتلة الحزب الشعبي الأوروبي (يمين مؤيد لأوروبا) إن اللقاء في أنقرة الذي عقده الرئيسان فون دير لاين وميشال كان يفترض أن يوجه رسالة حزم لتركيا تعبر من خلالها عن وحدة المقاربة الأوروبية، وأضاف: للأسف أظهر الموقف أن الرئيسين لم يعرفا كيف يقفان جبهة موحدة حين كان يلزم الأمر وطلب فيبر عقد نقاش في جلسة عامة.
من جهتها طلبت رئيسة كتلة الاشتراكيين والديمقراطيين الإسبانية إيراتشي غارسيا بيريز جلسة استماع لرئيسي المفوضية والمجلس لتوضيح ما حصل ومعرفة كيفية فرض احترام المؤسسات الأوروبية، كما أدانت الطبقة السياسية الفرنسية ما سمته الإهانة البرتوكولية التي تعرضت لها رئيسة المفوضية الأوروبية، ووصفتها بأنها صادمة وفاضحة وقال كليمان بون،وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية:
“إنها صورة مؤلمة” مضيفاً: “أرفض فكرة أوروبا ساذجة وضعيفة وما حدث من تركيا تجاه الوفد، إهانة سنعمد إلى تصحيحها، لكن يجب ألا نسمح بحدوث مثل هذه الأمور”.
وتابع قائلاً: أردوغان يعرف قوة الصورة وقيمة الرمز وبالتالي علينا أن نكون أكثر حزماً وقوة في هذا الخصوص.
وقالت رئيسة بلدية باريس، آن هيدالغو: إنه مشهد صادم لم يكن يفترض برئيسة المفوضية البقاء في هذا الوضع، وأضافت: هناك نوع من الإذلال ونرى في ذلك صلة مع خروج تركيا مؤخراً من معاهدة حقوق المرأة.
وقالت فاليري رابو، رئيسة كتلة نواب الحزب الاشتراكي: إن الإذلال الذي تعرضت له فون دير لاين غير مقبول بتاتاً، مضيفة: إذا أرادت أوروبا أن تتمتع بمصداقية فعليها أن تفرض نفسها كقوة عظمى وأن تؤكد قيمتها، وطالما لم تفعل ذلك سنجد صعوبة في اكتساب مصداقية حقيقية دبلوماسياً.
هذا وقد وصف رئيس الوزراء الإيطالي أردوغان بـ”الديكتاتور” ما زاد في تعقيد الأزمة بين الاتحاد الأوروبي وتركيا.
إن العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا بدأت تشهد توتراً منذ أكثر من ثلاث سنوات، خاصة بعد رفض الاتحاد قبول تركيا في عضويته والمواقف الاستفزازية التي قامت بها تركيا بما يتعلق بالتنقيب عن النفط والغاز في مياه شرقي البحر الأبيض المتوسط، ما دعا اليونان وقبرص إلى الاحتجاج الذي تبناه الاتحاد الأوروبي، وكذلك مسألة حقوق الإنسان في تركيا التي انتقدها الاتحاد الأوروبي أكثر من مرة .
ويرجح مراقبون بأن علاقات تركيا مع الاتحاد الأوروبي ستشهد مزيداً من التأزم في المستقبل إذا لم تراجع تركيا سياساتها التي وصفها المراقبون بالقفز على الحبال.
عن: مركز الدراسات الإستراتيجية العالمي