أنا الحاوي، أنا ساحرُ الكلمات، أنطقُ «أبركادابرا» فأخترعُ منها وبها عالماً حقيقياً بعيداً عن وهميّات الفيسبوك وتراجيديا اليوميات.. أجدِلُ الحروفَ مثلما كانت جدتي تجدل الأقمشة وخيوط الثياب لتصنع لنا منها لُعَباً وبُسْطاً ووساداتٍ نتدحرجُ عليها مثل كراتٍ بشرية عابثين، لاهين، غير مكترثين بما يخبّئه الغدُ لنا من مكائدَ ومصائدَ وثعالب.
أنا السّاحرُ حقيبتي بيتي؛ فيها غلّفتُ الذكريات بشالٍ أزرقَ لأحوِّلها إلى ماءٍ إذا ما احتجتُ للسباحة في بحر الزمن الماضي، وفيها وضعتُ «كمشةَ» أمنيات زخرفتُها بقلم رصاص على دفترٍ رسم صغير وزيّنتها بنرجساتٍ متفتحاتٍ لعلّهن يتحولن إلى صبايا إذا ما صحوتُ يوماً وقدّ حوّلتُ نفسي بعصاي السحرية إلى لقلقٍ حزينٍ كان يوماً ما أميرَ الحكاية.
أنا السّاحرُ، أحوِّلُ قلبي بلمسة الحبّ إلى كروم عنبٍ وتين، وعينيّ إلى مدىً من غيمٍ حزين، ورموشيَ إلى فراشاتٍ تحطّ على خدّ حبيبتي، وأصابعي إلى عشر زنابقَ، وجسدي إلى فكرةٍ من أربعة أحرف مورقةٍ على شكل: شجرة!
أنا الساحرُ أُخرِجُ من كيسي القماشي شُموساً لأدفئ بها قلوبَ اليتامى، أقماراً للعاشقين، وأكتافاً للمتعبين، وقصائدَ غِنائيّةِ للمخذولين، وأكفّاً للبكاء.
أنا؟!… أنا ظِلّي واقفاً على حافة الهاوية.. أنا بعضُ بعضي إذا ما هُجِرتُ، وكلُّ كُلّي إذا ما وصلتُ، أنا نكهة الأبدية في أحرف الأبجدية، زمنٌ سائلٌ على صفحات كتاب، والنقطة في كلمة: حُب!
ساحُر الكلمات أخترعُ عالماً موازياً بعيداً عن عبثيات الأيام المجنونة وتفاصيل المعيش الطاحنة، أُسلّي نفسي وأعزّيها وأطيّب خاطرها وأطبّب جراحها و«أطبطب» على كتفِ نفسي وأعيدُ التجربة مراراً: «أبركادابرا» فأصبحُ زهرَ لوزٍ على فستانٍ صبيةٍ مرّةً، ومرّةً كُحلَ عينيها أو ضحكتها… ومرّاتٍ كثيرة مجرّدَ غبارٍ ذهبي في عتمة هذا الكون!.