يبدو أن دول الاتحاد الأوربي بدأت تدرك أكثر فأكثر خطر الإرهاب عبر تنامي التنظيمات المتطرفة على أراضيها، ما يجعلها تعد كثيراً قبل أن تسمح بوجود كيانات ممثلة أو داعمة للتيارات المتشددة، لكن هذه الدول تواجه بالوقت نفسه إشكالية في التعامل مع هذا الملف على مدار السنوات الماضية، خاصة عند الحديث عن جماعة “الإخوان المسلمين” التي لم توضع حتى اليوم على قوائم التنظيمات الإرهابية مثل “داعش” و”القاعدة”، علماً بأن أجهزة الاستخبارات تصنفها بأنها أكثر خطورة من تلك التنظيمات، لكن الحكومات الأوروبية، لا تزال ترصد وتتابع هذا الملف لحين اتخاذ القرار.
في هذا الإطار، وفي الذكرى السنوية الخامسة للهجمات الإرهابية التي ضربت بلجيكا عام 2016 نظم “مركز بروكسل الدولي للبحوث وحقوق الإنسان” أول نشاط بعد جائحة كورونا، بعنوان “تقييم السياسات الأمنية والسياسية.. خمس سنوات بعد التفجيرات الإرهابية في بروكسل: خطر الإخوان المسلمين على الديمقراطية الأوروبية”.
وشهد النشاط عرض كتاب “نزع الأسلحة- الصراع غير المتوازن في مواجهة الإيديولوجيات الإسلاموية المتطرفة” كما شارك عدد كبير من السياسيين وأعضاء السلك الدبلوماسي، وكبار الشخصيات الأمنية وخبراء مكافحة الإرهاب في أوروبا، وشخصيات رفيعة المستوى من وزارة الدفاع ومن الاستخبارات.
وحول تأخر استيعاب خطورة تنظيم الإخوان رغم التقارير الأمنية والاستخباراتية التي تشير لتورطهم في أعمال العنف، يبدو أن الإشكالية أو التحدي الذي يواجه أجهزة الاستخبارات الغربية، وكذلك الحكومات هو إثبات العلاقة بين الجماعة ومؤسسات تعمل تحت مظلة القانون لكنها تندرج تحت كيان يحمل اسم “الإخوان”.
وبالعودة إلى الندوة التي عقدت في البرلمان البلجيكي، فقد أكد النائب البرلماني البلجيكي، كون ميتسو، رئيس لجنة مكافحة الإرهاب في البرلمان البلجيكي أن خطر التهديدات الإرهابية النابعة أساساً من الجماعات الإسلاموية المتطرفة، وتنظيم “الإخوان المسلمين” على وجه التحديد لم ينته بعد واعتبر أن أوروبا تواجه أخطاراً عدة أهمها إعادة ما يسمى “تشكيل الإسلام السياسي” وتغلغله في النسيج السياسي.
وقال: مما يخيف كذلك إطلاق سراح أكثر من 400 من المتهمين بالتطرف من السجون البلجيكية وعدم متابعتهم بما يكفي نظراً لقلة الوسائل القانونية والمادية المتاحة لذلك وكثرة عددهم.
وتؤكد مراكز دراسات تعنى بموضوع الإرهاب أن جماعة الإخوان تشعر بالقلق بسبب التضييق الكبير على أنشطتها داخل أوروبا بعد الإجراءات المشددة، التي اتخذتها عدة دول ضدها، أبرزها مراقبة نشاط التنظيم والمؤسسات التابعة له، وتقليص التصاريح الممنوحة لإقامة مؤسسات جديدة، وكذلك رصد ومتابعة التمويل الخارجي، وكذلك إيقاف التمويلات للجمعيات “المشتبه بها”، مع مطالبة الجماعة بالكشف عن أنشطتها بشكل واضح وشفاف وهو ما يضعها تحت ضغط كبير.
أما النائب البرلماني تيو فرانكن وزير الهجرة السابق، فقد اعتبر أن الجماعات الإسلاموية المتطرفة وبشكل خاص جماعة “الإخوان المسلمين” تشكل خطراً على أوروبا وقال: تنظيم “الإخوان المسلمين” هو السبب الأول في نشر الإيديولوجيات والأفكار المتطرفة ويجب التصدي له.
أوروبا شعرت بالخطر بعد عودة الإرهابيين إليها ويبدو أنها لن تتساهل مع الإخوان والكيانات الداعمة لهم كجزء من سياسات مكافحة الإرهاب، ويرجح اتخاذ العديد من الدول الأوروبية إجراءات صارمة ومباشرة في التعامل مع ملف الإرهاب وتحديداً جماعة الإخوان، وربما تشهد الفترة المقبلة وضعاً أكثر تعقباً للتنظيم الذي فقد أهم ملاذاته، بسبب الإجراءات الأوروبية.