حزب نتنياهو يتقدم لكن الطريق إلى الأغلبية غير مؤكد

مأزق “إسرائيل” السياسي الذي لا نهاية له على ما يبدو، متجذر جزئياً في طبيعة “نظامها الانتخابي”، الذي يخصص المقاعد البرلمانية وفقاً لحصة كل حزب في التصويت، ما يسهل على الأحزاب الصغيرة دخول الكنيست، ويصعب على الأحزاب الكبيرة تشكيل أغلبية، فهل تكمن المشكلة التي تواجه الانتخابات “الإسرائيلية” الحالية هنا؟

لا يبدو الأمر كذلك، فالأحزاب “الإسرائيلية” وجهان لعملة واحدة، كما أوضح مقال تحليلي نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، وأن الانتخابات الحالية لا تبدو أحسن حالاً من التي سبقتها والتي أسقطت إيهود باراك وجاءت بشارون بكل أمراضه وعلله وأوهامه ودمويته وتطرفه وتعصبه إلى الحكم، ثم نتنياهو الذي قدّم نفسه في الانتخابات الحالية على أنه المرشح الوحيد القادر على امتلاك زمام السلطة متجاهلاً مستقبل الصراع (الإسرائيلي- الفلسطيني) أو كيفية التعامل بين العلمانيين والمتشددين “الإسرائيليين”، الأمر الذي يقلل من أهمية كل مقولة تحدد مشكلة الانتخابات “الإسرائيلية” الحالية بأنها نتيجة لرفض نتنياهو الاستقالة على الرغم من محاكمته بتهمة الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، ما أدى إلى انقسام الكتلة اليمينية التي أبقت نتنياهو في السلطة على مدى السنوات الـ12 الماضية، إلى جانب انقسام الناخبين والأحزاب.

تشير الإحصاءات التي صدرت مؤخراً ونشرتها الصحيفة بأن الإقبال على الانتخابات “الإسرائيلية” الحالية كان الأدنى منذ عام 2013، حيث بدا أن بعض الناخبين قد ملوا وتعبوا من الدورة الانتخابية التي لا هوادة فيها ومن محاولات نتنياهو البائسة لتقديم نفسه “كرائد دبلوماسي”، إذ بلغت نسبة الإقبال على التصويت 67.2 بالمئة من إجمالي الناخبين، لكن البعض ينظر إليها على أنها بمثابة استفتاء على زعامة نتنياهو.

وبين المقال أن عدم تمكن نتنياهو وخصومه من الحصول على الأغلبية لتشكيل الحكومة في الانتخابات السابقة عام 2019 و 2020، جعلته يستمر في السلطة، أولاً كرئيس وزراء مؤقت، ثم على رأس حكومة ائتلاف هشة مع بعض أشرس منتقديه، حيث لم يتمكن أي من قادة الأحزاب من تشكيل ائتلاف مستقر بعد جولات الانتخابات الثلاثة السابقة.

وتساءل المقال هل ستبدو الانتخابات “الإسرائيلية” الحالية كسابقتها أم إن جديداً سيغير النتائج؟

تشير استطلاعات الرأي الحالية إلى توقعات بعدم تمكن نتنياهو، من تأمين المقاعد اللازمة لتشكيل حكومة جديدة هي الرابعة خلال عامين، ما قد يخلق حالة من الجمود السياسي يمكن أن تمتد لأسابيع إن لم يكن لشهور.

ومن المتوقع أن يفوز حزب “الليكود” الذي يتزعمه نتنياهو وحلفاؤه بـ52 أو 53 مقعداً في الكنيست المكون من 120 مقعداً، (بعد إضافة سبعة مقاعد قد يحصل عليها من مرشح مستقل)، وهو ما يعني أنه لن يحصل على الأغلبية المطلقة التي تمكنه من تشكيل الحكومة منفرداً.

في الوقت ذاته أعطى استطلاع آخر إمكانية حصول الكتلة المناهضة لنتنياهو على 61 مقعداً، ما قد يعوق طريق نتنياهو للفوز، حيث صرح بيني غانتس زعيم حزب (أزرق وأبيض) مؤخراً: “سأفعل كل ما أستطيع لتوحيد الكتلة السياسية المؤيدة للتغيير”، في إشارة إلى أولئك الذين لا يريدون بقاء نتنياهو”.

بينما يرى بعض المحللين أن المعسكر المناهض لنتنياهو يتكون من أحزاب متباينة أيديولوجياً، ما سيعوق محاولاتهم لاستبداله.

وأوضح المقال أن الأحزاب الأخرى المعارضة قد تحصل على 60 مقعداً، وهو ما يعني أن حزب اليمين الجديد (يمينا) القومي المعارض بقيادة نفتالي بينيت، الصديق السابق لنتنياهو سيكون مؤثراً في تشكيل الحكومة وقد يحافظ على حظوظ نتنياهو في رئاسة الحكومة إذا ما وافق على التحالف معه.

قد تؤدي النتيجة التي وصفها البعض بـ “الموحلة” إلى إطالة فترة عدم اليقين السياسي والاستقطاب الذي قد يدفع “إسرائيل” إلى الترنح من انتخابات إلى أخرى، والفشل في كل مرة بتشكيل حكومة مستقرة، ويمكن أن يؤدي إلى انتخابات خامسة.

قال ميتشيل باراك، محلل سياسي: “إن الطريق إلى السلطة بالنسبة لرئيس الوزراء المقبل صعب للغاية، ولا يتعلق الأمر بالأرقام فحسب، بل بالقيود الذاتية التي وضعها كل طرف على من يمكنه الجلوس معه. لقد وضعوا أنفسهم في زاوية”.

لقد سعى نتنياهو لإعادة انتخابه حتى أثناء محاكمته بتهم فساد، وهو وضع غير مسبوق ربما يضعف من حظوظه الانتخابية والواضح أن النتائج النهائية غير محسومة نهائياً حتى نهاية الأسبوع، مع احتمال أن تتغير النتيجة بسهولة.

صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار