“رابطة آسيان” أهم المنظمات الإقليمية في آسيا

شهد العالم بقاراته الخمس ظهور منظمات إقليمية، خاصة في بلدان العالم الثالث، وأهم هذه المنظمات اتحاد دول جنوب شرق آسيا المعروف اختصارا باسم “آسيان” التي تأسست في عام 1967 بموجب إعلان بانكوك الذي وقعت عليه آنذاك كل من إندونيسيا وماليزيا والفلبين وسنغافورة وتايلاند، ثم تلتها دول أخرى مثل بروناي عام 1984 وفيتنام عام 1985 وكذلك كمبوديا في نيسان عام 1999 وبذلك أصبحت منظمة الآسيان تضم عشر دول هي: كمبوديا، ماليزيا، إندونيسيا، لاوس، سنغافورة، تايلاند، الفلبين، ماينمار، بروناي، فيتنام، وهي تهدف إلى إعادة الثقة بين الدول المتجاورة في تلك البقعة من العالم وكذلك النهوض بالتنمية الاقتصادية والإقليمية لتلك الدول عن طريق تعاونها في المجالات الاستثمارية والتجارية.

تطورت العلاقات بين دول الرابطة واتخذت عدة مجالات، حيث أقامت إندونيسيا في ظل حكومة (سوهارتو) علاقة وثيقة مع الدول الأخرى في الرابطة كماليزيا والفلبين وسلطنة بروناي وسنغافورة وتايلاند.

قامت دول الرابطة بإنجازات مهمة منها تعزيز التعاون والتضامن بين بلدان المنطقة وخاصة في المجال السياسي، إلى جانب الاتصالات والطاقة، وأدى نجاح الرابطة إلى قيام رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد السابق عام 1991 بطرح فكرة تأسيس تجمع اقتصادي لدول شرق آسيا مع تعثر محادثات التجارة العالمية، لكن الولايات المتحدة عارضت آنذاك ولادة هذا التجمع خوفاً من أن يؤدي ذلك إلى ولادة تكتل تجاري ينافس الاتحاد الأوروبي وأمريكا الشمالية والتي كانت في ذلك الوقت تقيم منطقة تجارة حرة.

لقد عقدت منظمة الآسيان خلال مسيرة الـ38 عاماً عشرة قمم، أي بمعدل قمة كل أربع سنوات وخلال هذه القمم كانت الدول الأعضاء تطرح مشاكلها، لكن القضايا الاقتصادية ظلت على رأس القائمة في مناقشات تلك القمم.

ففي القمة الثالثة للرابطة والتي انعقدت في كانون الأول عام 1987 في مانيلا تصدرت المسائل التجارية المناقشات، أما القمة الثامنة التي عقدت في كمبوديا (تشرين الثاني 2002) ركّزت على تعزيز خطوات التعاون الاقتصادي الإقليمي والتكامل والقضايا الأخرى ذات الاهتمام المشترك.

بينما سلّطت القمة التي عقدت في كانون الأول عام 2005 الضوء على القضايا المهمة ذات البعد الإقليمي والإستراتيجي مثل المخاوف الصحية التي تتعلق بمرض أنفلونزا الطيور والتجارة والأمن والطاقة والقضاء على الفقر.

تجمع آسيان البلدان ذات الاقتصادات والأنظمة السياسية المختلفة بشكل كبير، وتعد البرامج التنموية بمختلف أنواعها من أهم نشاط منظمة آسيان، فقد حققت قفزات هائلة تم وصفها بـ”المعجزة الآسيوية” في تقرير البنك الدولي الصادر مؤخراً، حيث تفتخر سنغافورة بأعلى نصيب للفرد من الناتج المحلي الإجمالي بين أعضاء المجموعة بأكثر من 65000 دولار بناءً على أرقام البنك الدولي لعام 2019، وميانمار هي الأدنى عند حوالي 1400 دولار.

وقد ارتكزت التنمية التي اتبعتها دول الآسيان على عدة عوامل مهمة منها:

– التعاون والدعم المشترك والمتبادل بين دول الآسيان خلال عمليات التنمية

– الاستثمارات الوطنية للموارد الأولية عن طريق الأخذ بسياسات تشجيع وتنمية الصادرات وإقامة المعامل التي تعمل على التطوير التقني، إلى جانب زيادة الإنتاجية في كل القطاعات.

– تقوية العلاقات بين دول الآسيان على الصعيد الإقليمي والانفتاح والتعاون على الأسواق العالمية.

ظهرت النتائج الإيجابية للأسلوب الذي انتهجته منظمة آسيان في كل من ماليزيا، تايلاند، وسنغافورة التي شهدت تطوراً هائلاً في مستويات الناتج القومي الإجمالي ومتوسط دخل الفرد، فضلاً عن اتباع سياسة منفتحة على العالم الخارجي مع الحفاظ على درجة كبيرة من هامش الوطنية الاقتصادية، بالإضافة إلى زيادة تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية الوافدة والمستثمرة في تلك الدول والتي لعبت دوراً جوهرياً في سد الفجوة بين الدخل القومي وحجم الاستثمارات الكلية.

في تشرين الثاني 2020، انضم أعضاء الآسيان إلى أستراليا والصين واليابان ونيوزيلندا وكوريا الجنوبية في التوقيع على الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة، وهي اتفاقية التجارة الحرة التي كانوا يتفاوضون بشأنها منذ عام 2012، على الرغم من أن اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة لا تخفض التعريفات الجمركية بشكل كبير، فهي تغطي عدداً أكبر من سكان العالم -30 بالمئة- أكثر من أي كتلة تجارية أخرى، كما ستساعد في تعزيز التكامل الاقتصادي بين شمال شرق وجنوب شرق آسيا.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار