بين يوم المرأة، وعيد الأم، هناك مساحة زمنية كافية تملؤها المحاضرات، والحوارات داخل قاعات المؤسسات التي يرى القائمون عليها بأنهم معنيون بهذا الشأن الاحتفالي العام على الصعيد الرسمي، أما على صعيد الأفراد فإن هذا التوقيت الزمني سوف يزين بالهدايا المادية، وببطاقات التهنئة التي يسّرت وصولها إلى الآخر ثورة الاتصالات الحديثة، والغاية في كلتا الحالتين هي الاعتراف بالدور الريادي للمرأة في المجتمع، وتمكينها من الارتقاء أكثر فأكثر بهذا الدور النبيل، لنصل إلى نتيجة تفترض بالنهاية الوصول بالمجتمع إلى أعلى درجات التقدم.. التقدم الذي يفترض ،أيضاً، رفع الظلم والفاقة والفرقة من بين أفراد المجتمع، وتعزيز المساواة فيما بينهم، ليس على صعيد النساء والرجال فحسب، بل على صعيد اللون، والهوية، والطبقات الاجتماعية، بمعنى آخر؛ نستطيع القول إن فرضية التقدم تتوق إلى أن تكون مشروع سلام تحكمه العدالة في توزيع الثروات، والأدوار بين البشر، ويكون القانون المدون الذي تحتمي خلفه تلك العدالة هو السيد المطلق لأي حوار، أو حكم مستجد فرضته على المجتمع الانساني إحداثيات التقدم، والذي هو من صنعنا، نحن بني الإنسان دون سوانا من الكائنات الأخرى التي نتقاسم وإياه الوجه الأجمل للأرض بصورته الندية، ليكون مجال الجمال، التكافؤ، العدالة، مفتوحاً أمام الجميع للحوار بشكله العملي، بعيداً عن الشعارات، والوصايات التي تخفي بين سطورها تعزيز الفرقة بين الأجناس، أكثر من ظاهرها المزركش بضرورة المساواة بين الأجناس، فعن أي مساواة نتكلم ؟!.. تفترض الشعارات التي تنادي بالمساواة أن هناك طرفاً متفوقاً على الآخر، ومن ضرورة سيادة العدالة، أن يقوم الطرف المتفوق بالتنازل عن مكتسباته التاريخية لصالح الطرف الآخر، وعند الحفر بالعمق بهذا النص سيتبن لنا بأن تلك الشعائرية لن تتجاوز في دعوتها سوى إلى تلاشي الآخر مع المتفوق التاريخي، وهذا ما يجعل من العدالة، والمساواة طقساً رمزياً يعيد الفرقة والاضطهاد والعنصرية إلى الصدارة، وإن كان الحديث الآن يخص المرأة، وأعيادها التي أتت بها العقلية الذكورية التاريخية، فإن التعميم على علاقتنا مع الكائنات الأخرى، واستحداث جمعيات، وأعياد ومناسبات للدفاع عن أحقيتها في الحياة، يستحق أن يدخل ضمن تلك الاسقاطات التي تحتاج إلى الحفر بالعمق عند دراستها، هذا إن كان هناك مشروع حقيقي يدعو إلى العدالة.. العدالة التي تطالبنا بوضع نصوص «ألف ليلة وليلة»، في قفص الاتهام، باعتبارها النص – الأصل الذي تم التشييد على أساسه اللبنات الأول لدفن تاء التأنيث في مقبرة النساء، متناسين على الدوام بأن « النساء جمعٌ لن يشكل امرأة » بينما المرأة هي الرحم الحقيقي لأي أنوثة، الأنوثة التي هي مصدر الحياة على الأرض، ولا أجد في هذا الصدد أبلغ من الشيخ الأكبر محي الدين بن العربي في قوله : «ما لا يؤنث لا يعول عليه»..