مصيدةٌ صهيونيةٌ
سربت فضائية الكيان الصهيوني “آي 24 نيوز” الناطقة بالعربية والموجهة خصيصاً للعرب، خبراً مفاده أن اتصالات تجري حالياً بين رئيس حكومة كيان الاحتلال نتنياهو ومشيخات خليجية لإقامة ما سمته “تحالفاً عسكرياً” لغاية في نفسها، والمراد منه إسداء خدمات ذات أبعاد قريبة ومضاعفة ومركبة لنتنياهو، أولها غض الطرف عن محاكمته القضائية الضاغطة في الوقت الحالي بدعاوى الرشى والخيانة العظمى، وثانياً لزيادة أسهمه في الانتخابات المبكرة المزمع إجراؤها في أواخر آذار الجاري..
لكن الأهداف البعيدة هي الغاية، وتتمثل بتشجيع سياسة التطبيع مع مشيخات خليجية جديدة، للسير بذات الركب، بل قد تتعداها إلى تشجيع عربان آخرين في المغرب العربي ودول إقليمية للتسابق لإرضاء «إسرائيل» وخطب ودها، طالما بعض العربان تهافت للتطبيع المجاني، وما يتزامن مع ذلك من عقد صفقات أسلحة مع هذه المشيخات المتعطشة لشراء أحدث الأسلحة.. ولكن من دون إطلاق رصاصة واحدة باتجاه فلسطين المحتلة.. وصولاً إلى مرحلة تصبح فيها «تل أبيب» المزود الأساسي لكل أنواع الذخائر والأسلحة التقليدية والذكية، وصيانتها، وهذا ما تصبو إليه حكومة الكيان الصهيوني لأنها سوف تحقق ميزات ربحية هائلة لخزينتها عبر عقد صفقات أسلحة متتالية.. وهي في الوقت ذاته تنسق أسلحها القديمة عبر بيعها لعربان الخليج على أنها نوعية لمواجهة شماعة ما يسمى “الخطر الإيراني” غير الموجود سوى في عقول هذه المشيخات.
كما يهدف كيان الاحتلال إلى أبعد من ذلك، أي ليس الاعتماد فقط على صفقات الأسلحة ومتمماتها وحسب، وإنما السيطرة على أسواق الخليج، وهذا ما تتوق إليه.. ورغم خطورة المومأ إليه، فإن «إسرائيل» تريد من كل ما تقدم أن تكون أقرب نقطة من حدود إيران البرية والبحرية والجوية، لغايات التجسس والتحرّش، وافتعال أزمات أو حروب، تكون المشيخات والجغرافيا الخليجية ساحة لعربدة «إسرائيل» وهذا ما لم تفهمه هذه المشيخات حتى الساعة.
أجزم بأن «إسرائيل» لا تريد خوض حرب مع إيران لأنها تعلم أنها سوف تكون نهايتها؛ ولكن تريد السيطرة على المنطقة.. عبر «حلب ضروع» جديدة تستنزف كل ثروات الخليج العربي.. وتجعله في مخاض دائم هي الرابح الأهم منه.. تحقق من ذلك وجوداً نشطاً في مياه الخليج، وخليج عدن، ومضيق باب المندب، والبحر الأحمر للسيطرة على هذه الممرات الحيوية والإستراتيجية، ولجر عربان الخليج إلى حرب استنزاف طويلة الأمد.. بمعنى ليست حرباً حقيقية.. ولا سلاماً حقيقياً في المنطقة.. لخلق عداء مستمر ودائم بين دول الخليج مجتمعة مع جارتهم إيران المسلمة، تكون “إسرائيل” هي المستفيد الأول والأخير من ذلك، بعد أن تكون –أي “إسرائيل”- قد سوقت نفسها على أنها صديقة ومدافعة عن “الحقوق العربية”.. وتوحي لهذه المشيخات وتزرع في عقولها أن إيران هي العدو، فضلاً عن تهرب كيان الاحتلال من التسليم بالحقوق الفلسطينية التاريخية التي تضمنها القوانين والشرائع الدولية.
فهل تعي المشيخات هذه التكتيكات الصهيونية والأكاذيب؟.. وهل يقرأ العربان ويعوا ماذا يرمز علم الكيان الصهيوني؟ ومتى يعلمون أن إيران الثورة الإسلامية جارة أبدية تاريخية صديقة محبة لمنطقتها وجيرانها وشعوبها، لأنهم يتقاسمون التاريخ والجغرافيا والكثير من العادات؟.. ومتى تعي هذه المشيخات أن «إسرائيل» مهما حاولت تسويق نفسها عبر الخداع والكذب فإن هذا لن يجعلها حملاً وديعاً وهي التي ما تزال تحتل أرض فلسطين والجولان العربي السوري وأراضي لبنانية، ناهيك عن حصارها لقطاع غزة وحروبها بين الفينة والأخرى.. هذا التطبيع والتحالف الكاذب لن يطول لأن مصيره السقوط على يد محور المقاومة والشعوب العربية التي خبرت كذب وخداع الكيان الصهيوني، شعوب يقظة لم تؤخذ باتفاقية «كامب ديفيد» 1978 مع مصر، وأوسلو1/ 1993، وأوسلو2/ 1995 مع الفلسطينيين ووادي عربة 1994 مع الأردن.. ألم نعتبر بعد؟