يواصل النظام التركي سعيه لتحقيق طموحاته الإقليمية بخوضه عدداً من الحروب ليصبح بذلك أسيراً لطموحات التيارات القومية التي باتت توجه السياسة التركية وتتحالف مصلحياً مع التيارات الإسلامية، وبالتالي بات يوجه تركيا نحو الحلم الكبير الذي يشمل مناطق واسعة خارج حدودها. وتسعى أنقرة لتنفيذ ما يسمى مخطط “الوطن الأزرق”، الذي يهدف إلى هيمنة تركية على بحر إيجه وشرق البحر المتوسط والبحر الأسود، وذلك عبر إرسال عدة سفن للتنقيب في المياه التابعة لقبرص وتوقيع اتفاقية الحدود البحرية مع حكومة السراج في طرابلس الليبية من دون اعتبار لدول حوض المتوسط.
في هذا السياق يتولى رئيس جمهورية شمال قبرص التركية، غير المعترف بها دولياً، أرسين تتار، الترويج لمشروع أنقرة التوسعي “الوطن الأزرق”؛ وقال تتار وفق ما نقلت عنه وكالة أنباء “الأناضول” خلال لقاء جمعه مع وزيرة تركية: “أمن جمهورية شمال قبرص وتركيا يحتاج نقل السياسة الراهنة نحو مستويات متقدمة أكثر في الوطن الأزرق (الحدود البحرية) وشرقي المتوسط”. وكان تتار قد أعلن أواخر كانون الأول الماضي أن جمهوريته ستقف إلى جانب أنقرة في مشروعها التوسعي. واجتاحت القوات التركية جزيرة قبرص عام 1974، في أعقاب اضطرابات سياسية حدثت في الجزيرة، وقالت أنقرة إنها تدخلت لحماية القبارصة الأتراك من القبارصة اليونانيين على حد زعمها.
من جهة أخرى أطلق الجيش التركي مناورات في البحرين المتوسط وإيجه، أطلق عليها “الوطن الأزرق”، وذكر موقع “أحوال” المتخصص في الشأن التركي أن رئيس النظام التركي رجب أردوغان، سيلقي خطاباً للقوات المشاركة في المناورات؛ وهذا يعني أن التحركات الحربية في البحرين المحيطين بتركيا يحظيان بأعلى متابعة في البلاد، فيما يشارك في المناورات 87 سفينة حربية و27 طائرة و20 مروحية، من القوات البحرية والجوية والبرية، ومنها مروحيات هجومية تابعة لقيادة القوات البرية، ومقاتلات “إف 16″ و”إف 4″ تابعة للقوات الجوية”.
لقد كانت تركيا تريد أن تصبح دولة المرور لغاز شرق المتوسط إلى أوروبا، وتحقيق خطة أردوغان المسماة “الوطن الأزرق” التي تمنح أنقرة جزءاً كبيراً من المياه الاقتصادية التي يقرها القانون لقبرص اليونانية ولجزر اليونان المتاخمة لشواطئ تركيا.
وهذا المشروع، “الوطن الأزرق”، مرتبط كليّاً بما يسمى “خريطة الميثاق الملي”، وهي أصل مشروع تركيا 2023، ونُشِرت عام 2011 مع تقديم أردوغان لهذا المشروع إلى البرلمان التركي.
من هذا كله نستطيع القول إن أردوغان يطمح للسيطرة على البحار والأراضي المجاورة في تنفيذ مشروع تدريجي سيعلن عنه رسمياً عام 2023 وهو المشروع الذي سيستخدمه أردوغان وداعموه كمشروع يدعم فرص إعادة انتخابه في الانتخابات القادمة، لذلك تستخدم تركيا كل الوسائل الممكنة والتحالفات العابرة للحدود من أجل توسيع نطاق سيطرتها على حساب دول الجوار، كذلك تستهدف استضافة خطوط نقل الغاز والأماكن المحتملة لاكتشافه قبالة سواحل قبرص واليونان وعلى حافة الحدود البحرية المصرية، وهذا المشروع بالنسبة لأردوغان مستمر وقائم على سياسة فرض الأمر الواقع عبر القوة وعبر استغلال التناقضات الدولية.