ثورة 8 آذار .. عطاء مستمر ومزيد من الانتصار
لم تكن ثورة الثامن من آذار التي قادها حزب البعث العربي الاشتراكي عام 1963 حدثاً عادياً في حياة سورية أو مجرد تحول آني من حالة سائدة لحقبةٍ هيمنت فيها ذيول الاستعمار من الإقطاع والبرجوازية على مختلف مناحي الحياة وبما شكّل حالة من التبعية الكلية له وللإمبريالية آنذاك، إنما كانت تحولاً وانقلاباً جذرياً على كل مناحي الحياة والبنى السائدة فيها ، هذا الانقلاب الجذري الذي قاده الحزب كان الفلاحون والعمال وصغار الكسبة ركيزته الأساسية وبقاعدة جماهيرية واسعة شملت مختلف الشرائح الاجتماعية كأداة لثورة حقيقية غيرت وجه سورية ونقلتها من حضن الهيمنة والتبعية وسياسة الأحلاف حينها إلى الاستقلال التام وإلى دورها العروبي والقومي في مناهضة الانفصاليين ودعاة الأحلاف الاستعمارية بما طرحته من شعارات قومية وحدوية للحفاظ على وحدة الوطن العربي أرضاً وشعباً ولغة وحضارة ضاربة في عمق التاريخ، تلك الحضارة التي أهدت العالم أول أبجدية.
ثورة الثامن من آذار التي نحتفل اليوم بذكراها الـ58 شكلت حدثاً عظيماً أعاد للمواطن والوطن كرامته وصانت حقوق الفرد في الملكية والعمل بما طرحته من شعارات الأرض لمن يعمل فيها والمصانع والمعامل للعمال كمنطلق نحو إعادة البناء فكانت المدارس والجامعات والمعامل والمنشآت والمشافي.
ثورة الثامن من آذار بما طرحته من شعارات تعززت مع قيام الحركة التصحيحية المجيدة التي قادها القائد المؤسس حافظ الأسد، تلك الحركة التي استندت إلى تعزيز مكتسبات ثورة الثامن من آذار وحافظت على حقوق الفلاحين والعمال وتفعيل الحركة الاقتصادية من خلال اعتماد التعددية الاقتصادية كنهج اقتصادي يحمله ويقوده قطاع عام ومشترك وقطاع خاص أتاح الفرصة للجميع بالعمل والمساهمة الفعالة في بناء الدولة، فكانت المدارس والتعليم الإلزامي المجاني والجامعات والمشافي والاستشفاء المجاني الذي وفرته للمواطن، وعززت الحياة الديمقراطية من خلال تحقيق أهداف ثورة آذار التي كفلت للمواطنين حق الانتخاب والترشح، وكانت ثورة العمال والفلاحين وصغار الكسبة الذين بنوا سورية الحديثة في مختلف المجالات وحققوا اكتفاء ذاتياً في الزراعة والصناعة منح سورية دوراً ريادياً واستقلالاً في السيادة والقرار وجعل منها أنموذجاً يحتذى به في التصدي للكيان الصهيوني الغاصب ولكل ما يحاك لها من مؤامرات وحروب تشن عليها ومكّنها من دحر مشاريع الهيمنة والتبعية ودحر الإرهاب عنها والحرب الكونية عليها.. هذه الانتصارات المستمرة لثورة آذار لم تكن لولا وجود جيش عقائدي وشعب حر أبي تربى ونهل من فكر البعث والقائد المؤسس الراحل حافظ الأسد ، وما استمرار تحقيق الانتصارات وتواليها في محاربة الإرهاب والحرب الكونية التي شنت على سورية بهدف العودة بها إلى ما قبل ثورة آذار إلا دليل ساطع على قوة الثورة ونبل أهدافها في الحفاظ على السيادة ووحدة الأرض ودحر كل الغزاة عن أرض سورية واسترجاع آخر ذرة تراب فيها من الكيان الصهيوني الغاصب وقطعانه الوحشية من ذيوله وأذنابه بجيش عقائدي وشعب صامد وقيادة حكيمة وشجاعة للسيد الرئيس بشار الأسد.