يستذكر الفلسطينيون اليوم مجزرة الحرم الإبراهيمي الشريف التي ارتكبها مستوطن إرهابي في مثل هذا اليوم قبل 27 عاماً وأسفرت عن استشهاد وإصابة العشرات في الوقت الذي تتواصل فيه جرائم الاحتلال الإسرائيلي ومجازره بحق الفلسطينيين بدعم أمريكي مطلق بينما يكتفي المجتمع الدولي بالصمت وفي أفضل الأحوال الإدانة والاستنكار دون اتخاذ إجراءات حقيقية توقف هذه الجرائم.
ففي فجر يوم الجمعة الخامس والعشرين من شباط عام 1994 اقتحم المستوطن الإرهابي باروخ غولدشتاين الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل بالضفة الغربية بحماية قوات الاحتلال وأطلق النار على نحو 500 فلسطيني كانوا يؤدون صلاة الفجر ما أدى إلى استشهاد 29 منهم وإصابة العشرات بجروح، حيث أفاد فلسطينيون نجوا من المجزرة بأن مستوطنين قاموا بمساعدة الإرهابي غولدشتاين في تعبئة الذخيرة التي احتوت رصاصاً متفجراً اخترقت شظاياه رؤوس المصلين وأجسادهم.
قوات الاحتلال وفي تأكيد على تواطئها مع المستوطنين أغلقت أبواب الحرم لمنع المصلين من الخروج منه وقت المجزرة وحالت دون وصول المسعفين لإنقاذ الجرحى ثم فتحت نيران أسلحتها الرشاشة تجاه الفلسطينيين أثناء تشييع ضحايا المجزرة ليرتفع عدد الشهداء إلى 60 والمصابين إلى 150.
مجلس الأمن الدولي لم يقم بمسؤولياته التي يفرضها ميثاق الأمم المتحدة واكتفى بإنشاء البعثة الدولية المؤقتة في الخليل «تيف»في الـ 18 من آذار عام 1994 لتوثيق جرائم الاحتلال ومستوطنيه بحق الفلسطينيين واتخاذ تدابير لضمان حمايتهم في جميع الأراضي المحتلة غير أن الاحتلال عرقل قيام البعثة بممارسة مهامها المحددة في قرار إنشائها قبل أن يرفض مطلع العام 2019 تجديد عملها.
واليوم وبعد 27 عاماً على مجزرة الحرم لا تزال فصولها تتوالى حيث يواصل الاحتلال ممارساته العدوانية في جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة من قتل واعتقال واقتحامات وحملات دهم وعمليات استيطان ويستمر باستهداف الحرم الإبراهيمي والبلدة القديمة في الخليل حيث استغل مؤخراً تفشي وباء كورونا لإغلاق الحرم بشكل كامل أمام الفلسطينيين وسمح في بداية تخفيف إجراءات كورونا لـ 40 فلسطينياً بدخوله ثم قلصهم إلى 20 شخصاً هم المشرفون على الحرم في حين يبيح للمستوطنين اقتحامه أنى شاؤوا.
ومستغلاً انشغال العالم بمواجهة وباء كورونا أعلن الاحتلال الإسرائيلي مخططاً للاستيلاء على الأراضي المحيطة بالحرم الإبراهيمي وكثف عمليات الاستيطان عليها بهدف تهويدها وطمس هويتها العربية الفلسطينية وتزوير معالمها التاريخية لتنفيذ مخططات الضم الاستعمارية فيما يتوانى المجتمع الدولي عن تنفيذ قرارات الشرعية الدولية التي تؤكد عدم شرعية الاستيطان وتطالب بوقفه.
واستولى الاحتلال على العشرات من العقارات والمنازل الفلسطينية الواقعة في البلدة القديمة بالخليل وأقام خمس بؤر استيطانية في محيط الحرم الابراهيمي بهدف محاصرته من كل الاتجاهات رغم أن الحرم والبلدة القديمة منطقة تراثية حضارية مدرجة على قائمة التراث العالمي من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «يونيسكو».
ورغم كل ممارسات الاحتلال العدوانية يؤكد أبناء الخليل تمسكهم بالحرم الإبراهيمي وبمدينتهم كما حال كل الفلسطينيين بمواجهة مخططات الاحتلال التي تستهدف تهجيرهم مشددين على أن هذه المخططات لن تمر في ظل مقاومة الفلسطينيين وصمودهم على أرضهم وتمسكهم بحقوقهم ومقدساتهم.
«سانا»