انتخابات جديدة، بطعم القديمة، في كيان الاحتلال الإسرائيلي؛ هي الرابعة من نوعها في أقل من 17 شهراً، يسعى خلالها رئيس وزراء كيان الاحتلال بنيامين نتنياهو بشتى السبل للهروب إلى الإمام تارة، وتارة أخرى إلى الخلف، من تهم الفساد التي تلاحقه وتلف الحبل حول رقبته شيئاً فشيئاً.. وذلك عبر الدعوة لإجراء انتخابات مبكرة على أمل أن تفضي إلى حكومة يمينية أكثر تطرفاً من التي سبقتها ويكون فيها لنتنياهو حصة أكبر من حصته في الحكومة السابقة..
يدخل نتنياهو الانتخابات هذه المرة متسلحاً بورقة “التطبيع” مع بعض العربان والمشيخات؛ ورقة يعتبرها رابحة، بل رابحة جداً وهي بلا شك ورقة يناور بها على حساب خصومه من اليمين المتطرف ذاته.. رغم ارتفاع أسهم منافسه اللدود جدعون ساعر الذي انشق مؤخراً عن الليكود ويعتبر الشخصية الثانية في هذا الحزب. وبذلك أصبح اليمين الإسرائيلي يمينين اثنين، أي وجهان لعملة واحدة، كل وجه أسوأ من الآخر، يمين مع نتنياهو، وآخر ضده..
وهذا ما سوف يشكل خطراً ليس على مستقبل نتنياهو السياسي وإنما قد يشكل ضربة قاصمة لنتنياهو وأنصاره، بل سوف يسرع في محاكمة نتنياهو وزوجته بتهم الفساد والرشوة الموجهة له منذ أكثر من خمس سنوات.
لقد استطاع نتنياهو الهروب من هذا التهم، والتنصل من بعضها عبر الهروب إلى الدعوة إلى الانتخابات جديدة في كل مرة يقترب موعد محاكمته.. ولكن ليس كل مرة تسلم الجرة، فهذه المرة اليمين الصهيوني منقسم على نفسه، وضاق ذرعاً بأساليب نتنياهو القذرة التي باتت مكشوفة حتى من أنصار حزبه الليكود وهو يفعل ذلك لغاية الهروب من المحاكمة، وخدمة لمصالحه الشخصية وهذا بات معروفاً وثابتاً لكل الإسرائيليين.
قد يستطيع نتنياهو باستدارته ولولبيته المعهودة وتقسيم الكعكة بين خصومه تحقيق انتصار باهت على غرار الانتخابات السابقة.. لكن يبقى المشهد متأرجحاً بين الرمادي والأسود، وهذا مراد نتنياهو وبهذه الحالة يبقى الأخير المستفيد الأول بانتظار الدعوة لانتخابات خامسة جديدة، لكن في كل الحالات يبقى هذا مؤشراً على أن حالة من التفتت التشرذم والانقسام تسود “المجتمع” الإسرائيلي، حالة لا تلبث أن تنفجر.. وهي من بوادر انهيار بيت العنكبوت الإسرائيلي.