عادت المناوشات الحزبية في الولايات المتحدة لتطغى على السطح إثر موجة الصقيع القطبي نادرة الحدوث في ولاية تكساس والتي أودت بحياة العشرات وعزل المتبقين، مع انقطاع مستمر في المياه والتيار الكهربائي في أكبر منتج للكهرباء في البلاد ما فضح هشاشة البنية التحتية لواحدة من أغنى المدن وأكثرها كثافة سكانية.
الجمهوريون اعتبروها بداية فاشلة لحكم الرئيس جو بايدن ولسياسته الداخلية, بينما حمل الديمقراطيون خصومهم المسؤولية لإهمال الولاية خلال حكم الإدارة السابقة.
طغى الموت والصقيع والغضب على تكساس، وسط تبادل الاتهامات بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، مع استمرار الطرفين بتسييس كارثة السكان وضرب الطرف الآخر والتجييش ضده.
تهالك البنية التحتية في تكساس، وفضائح واقع الطاقة يسير بالتوازي مع الهشاشة الواضحة في البنية الهيكلية لأنظمة الحكم في الولايات المتحدة، وهو واقع يتجسد مع كل أزمة تعصف في البلاد حيث تغيب معها لغة التعاضد والوحدة الوطنية لتحل محلها المنافسة الحزبية وسباق كسب النقاط ,ومع كل أزمة جديدة يتكشف أكثر حجم التجاذبات بين الطرفين وكم الأفخاخ التي يحاول كل طرف نصبها للآخر.
تختلف أوجه الأزمات لتبقى تلك التجاذبات أصيلة في السياسة الأمريكية، على حساب المعاناة الحقيقية لغالبية الشعب الأمريكي وتكساس أنموذجا جديدا لحالة الصراع القائمة , وقبلها كانت الانتخابات الرئاسية، وموجة وباء كورونا التي تعصف بالبلاد وأودت بحياة الملايين، إضافة إلى الركود الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة, جميعها أزمات عميقة تثير السياسيين أملاً بالكسب لاحقاً في صناديق الاقتراع.
صورة استغلال الأزمات للتكسب السياسي لا تتوقف سواء على الصعيد الداخلي، أو على الصعيد الخارجي, وصورة الولايات المتحدة تتهشم أكثر فأكثر الآن, وأكذوبة حماية حقوق الإنسان أميركياً في البلدان المختلفة فضحت وتحطمت قبل كارثة تكساس بكثير، وصورة النائب الجمهوري تيد كروز وهو يطير إلى أحد المنتجعات السياحية في المكسيك للتمتع بالإجازة، بينما ولايته التي انتخبته تتجمد من الصقيع مع انعدام الخدمات تحكي واقع القائمين على الحكم والسياسة ومنظري حقوق الإنسان في تلك البلاد.