انقلاب الموازين على الساحة اليمنية ليس وليد اليوم، بل أُسس له على مدار ست سنوات من مقاومة العدوان السعودي– الأمريكي، وليس مبالغة إن قيل إن كل المعارك طال أجلها أم قصر ستحسم لصالح القوى اليمنية فالمعطيات والوقائع الميدانية هي الدليل.
تتجه الأنظار الإقليمية والسعودية والدولية والأمريكية والغربية نحو معركة تحرير مأرب، لما للمدينة من أهمية سياسية وعسكرية واقتصادية في الحسابات الأمريكية والسعودية، فمأرب محافظة نفطية وآخر معاقل حكومة عبد ربه منصور هادي في الشمال اليمني وتحريرها سيفتح باب المحافظات الجنوبية أمام القوى اليمنية.
قلق النظام السعودي من استعادة القوى اليمنية لمأرب مرده إلى أن السقوط السعودي هذه المرة سيكون سقوطاً مدوياً وكل محاولات الإنقاذ التي كانت تتم سابقاً لن يكون لها مكان، فهي معركة مفصلية، ستكرس النصر كما ستكرس الهزيمة في آن معاً مع اختلاف الطرف المنتصر والمهزوم وما سيكون لذلك من تداعيات اقتصادية وسياسية وعسكرية.
لكن اللافت أكتر هو القلق الأمريكي، وهو ما يطرح الكثير من علامات الاستفهام ولاسيما أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن وضعت الملف اليمني في مقدمة أولوياتها من حيث إيقاف دعم العدوان وتصدير الأسلحة للنظام السعودي ورفع حركة “أنصار الله”من قائمة “الإرهاب”..
كل الإجراءات الأمريكية تجاه الملف اليمني هي إجراءات صورية وليست لأجل الشعب اليمني، فواشنطن وإن أبدت بعض الفتور تجاه حليفها السعودي وسعت لتحريك قضية خاشقجي من أجل الابتزاز، لكنها على المقلب الآخر تسعى لإنقاذ النظام السعودي من الخسارة الحتمية، ولكن بطريقة غير مباشرة حتى تبدو إدارة بايدن أكثر “تصالحية” من الإدارة السابقة.
ولتحقيق ما سبق، فالسيناريو الذي ربما يطرح في الأيام المقبلة هو هدنة بذريعة «إنسانية» كالمعتاد، لكن أساسها قائم على تجميد العمليات العسكرية والتقدم الميداني للقوى اليمنية، بحيث تكون المعادلة “لا منتصر ولا مهزوم” وبين هذا وذاك تتواجد أمريكا بشكل مباشر، ولاحقاً يتم بحث مفاوضات مع شروط أمريكية بحيث تكون البداية والنهاية على الإيقاع الأمريكي، ويُحفظ ما بقي من ماء الوجه السعودي.
القوى اليمنية لها شروطها، القائمة أساساً على توفير حاجات الشعب اليمني من أدوية وغذاء والإفراج عن ناقلات النفط المحتجزة من العدوان بما ينقذ الشعب اليمني ووقف كامل ونهائي للعمليات العدوانية بما يحقق انفراجة إنسانية ومن ثم تأتي الترتيبات الأخرى.
معركة تحرير مأرب لن تتوقف حتى عودة المحافظة لأبنائها وتنفيذ شروط من يملك القوة على الأرض، وعلى أمريكا وأتباعها مراقبة الهزيمة.