تدور أحاديث إعلامية بين الفينة والأخرى حول اختلاف وجهات النظر بين أطراف دولية، متدخلة بالشأن السوري، أو مساهمة بشكل مباشر إلى ما وصلت إليه الأمور الآن..
قد تكون اختلافات وجهات نظر “البعض” نابعة من منطلقات ومواقف وهذا يمكن فهمه، وليس تبريره، لكن ما لا يمكن فهمه، أو اعتباره وجهة نظر هو ألا تكون الحقائق واضحة للعيان بالنسبة للبعض، أو واضحة، ويجري تغييبها، تحت ذرائع سياسية وأهداف مختلفة.
لا شك أن بعض القضايا قد تحمل وجهات نظر، وهذه حتى لو كانت قاسية يمكن فهمها، ولابد من تقبلها، ولاسيما إذا جاءت بدافع واضح وحرص بيّن؛ لكن أن يجري من البعض تسويق وترويج وتبرير ما تقوم به بعض الأطراف الدولية، وهي تعلن صراحة أو مواربة أهدافها القريبة والبعيدة، ويجري تجاهل هذا من بعض السوريين فهذا لا يمكن أن يكون وجهة نظر وتالياً مقبولاً..
أمريكا ومنذ عشرات السنين قالت بوضوح إنها تسعى إلى الفوضى والتقسيم وتفتيت الدول وجعلها كيانات طائفية متناحرة لا تقوم لها قائمة قبالة “إسرائيل”.
لم توارب أمريكا في هذا، وتعمل من أجله، وكل ما حصل من على الأقل من 2003 إلى اللحظة يصب في خانة الأهداف ذاتها، ولما لم تلاق مخططاتها ما تصبو إليه تلجأ إلى تكتيكات أخرى بالحصار والتجويع والعقوبات، أو باختلاق قصص وتلفيق سيناريوهات، والغريب أن هذه تلقى آذاناً مصغية لدى البعض ويجري السير خلفها.
كل مؤشر من مؤشرات الأحداث في سورية اليوم، يعكس حجم الأهداف المطلوب تحقيقها في سورية ومجموعة من الرهانات الأمريكية المتعلقة بكل ما يجري في سورية.
أهداف تتداخل فيها حسابات الواقع المفترض للأحداث الميدانية على الأرض مع الحسابات الأمنية والعسكرية والجيوسياسية للجغرافيا السياسية السورية وموازين القوى في الإقليم مع المصالح والإستراتيجيات للقوى الدولية على اختلاف مسمياتها، كما تتداخل فيها ملفات المنطقة وأمن “إسرائيل” والطاقة وجملة مواضيع أخرى.
كل هذا يجب أخذه على محمل الاهتمام والفهم، لأنه يوحي مستقبلاً بمسار تعقيد شائك دخلته تفاصيل الحرب على سورية، وإلى أن تقتنع أمريكا وحلفاؤها أن مشروعهم الساعي إلى التدمير و”إخضاع” سورية لم ولن يحقق أهدافه، أو أن تقتنع بانهزام مشروعها سنكون أمام حلقات ضغط جديدة على سورية وشعبها، على خبز السوريين وقمحهم وجميع محاصيلهم وعملتهم الوطنية..
يخطئ من يعتقد أن أمريكا لا تريد موقع سورية واتجاهها وقتل خريطتها.. الأمريكيون صريحون جداً ولا يناورون ويقولون إنهم لم يعودوا يقبلون بسورية الموحدة مهما قدم السوريون من تنازلات، كما لن يقبلوا العراق الموحد وكما لن يسمحوا لمصر أن تبقى موحدة.. كما لن يسمحوا للعراق أن يستعيد عافيته، وكذلك لبنان.. وراء كل بؤرة توتر فتشوا عن الأهداف الأمريكية، عندها يمكن تلمس بداية فهم مشكلات العالم كله..