بعد طول انتظار وتلهف، استجاب الرئيس الأميركي جو بايدن لمطالب رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو وهاتفه مطولاً ليخرجه من إحدى أعمق أزماته الحالية ويعطيه دفعاً قوياً بتأكيد التزام واشنطن المطلق بأمن الكيان الإسرائيلي.
قدم بايدن في الاتصال ربما أكثر مما توقع نتنياهو، وأعطاه تفويضاً كاملاً بدعمه وإبقائه في واجهة الحكم على رأس كيان العدو، ليطيح بايدن بكل المشككين الذين تحدثوا عن إعادة ضبط للعلاقة بين الجانبين بعد وصوله إلى البيت الأبيض وما تبعه، مما سموه تجاهلاً لنتنياهو بسبب تأخر اتصال بايدن، ووضعوه في خانة الانتقام، باعتبار أن نتنياهو كان مدلل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.
لم يخرج بايدن عن خط أسلافه فيما يتعلق بـ”إسرائيل” ورغم تأخر الاتصال الأول لأيام فقط، جدد بايدن ما سماه التزاماً راسخاً بهذا الكيان من النواحي كافة، وهذا ليس على هامش أولوياته بل تماماً في صلب تلك الأولويات، وأي شوائب شخصية بين السياسيين لا قيمة لها أمام وجود كيان العدو وأهميته لواشنطن والعكس صحيح.
رغم وعوده بنسف حقبة ترامب المزرية لأميركا والعالم، إلا أن بايدن لا يزال يغوص بتلك الحقبة وفي كل الاتجاهات، و”إسرائيل” تشكل طموحاً استعمارياً مستداماً لأميركا, وبالتالي لن تتغير تلك العلاقة بتقادم الرؤساء الأميركيين، بل على العكس يبدو البيت الأبيض محطة أساسية لترسيخ وجود كيان العدو وتبرير إجرامه بكل المحافل الدولية حفاظاً على تلك التركة الاستعمارية وبالتالي توطيد الهيمنة على بعض دول المنطقة ومصادرة قرارها السياسي والاقتصادي.
الاتصال تأكيد لهذا التوافق وبداية للاستمرار بما مضى والحفاظ على القوة الناظمة لإيقاع الليبرالية الجديدة التي تقودها واشنطن والتي كانت أول من اعترفت بالكيان الصهيوني عام 1948 وأقدم رئيسها على سابقة موصوفة ومخالفة لكل القوانين الدولية ذات الصلة باعترافه بالقدس “عاصمة” لهذا الكيان عام 2017, ولا تزال “إسرائيل” بقلب البيت الأبيض وقبل مغادرة ترامب صوت الكونغرس على قانون يلزم الإدارات المتعاقبة بمنح “إسرائيل” 38 بليون دولار على امتداد السنوات العشر المقبلة، بينما واشنطن غارقة بالوباء والبطالة والركود الاقتصادي.