على طاولة “ناتو”..

صفاء إسماعيل: 

يعقد حلف شمال الأطلسي “ناتو” اليوم الأربعاء وغداً، أول اجتماع له بمشاركة وزير الدفاع الأميركي الجديد لويد أوستن الذي اختاره جو بايدن ضمن فريقه الحكومي ليقوم بمهمة ترميم الشرخ ورأب التصدعات التي خلفها الرئيس السابق دونالد ترامب من خلال ممارساته المستفزة ولهجته القاسية والمتعالية مع شركاء “ناتو.

طي صفحة ترامب واستعادة ثقة الشركاء لثنيهم عن المضي في تعميق عزلة واشنطن وعن الفكرة التي كانوا طرحوها سابقاً حول تشكيل جيش أوروبي يكون رديفاً لـ”ناتو”, ستكون أولى مهام أوستن خلال اجتماع الحلف, حسب المتحدث باسم “البنتاغون” جون كيربي الذي استبق الاجتماع بإرسال إشارات طمأنة للحلفاء, والقول “إن أوستن سينقل رسالة إيجابية حول أهمية حلف الأطلسي, وتأكيد التزام واشنطن حيال الحلف وأمن الدول الأعضاء وعدم اتخاذ أي قرار مهمّ من دون التشاور معهم”.

بعيداً عما إذا كان سينجح أوستن بترميم الشرخ الأوروبي- الأمريكي أم لا, سيبحث الحلفاء الانسحاب من أفغانستان، ومستقبل القوات الأمريكية في ألمانيا، وملف عائلات الإرهابيين, وستكون أبرز الملفات الشائكة التي تتصدر طاولة الاجتماع, الاستفزازات التي يمارسها النظام التركي والتي وصفتها دول الحلف بأنها عدوانية وخروج عن الأعراف الدولية بدءاً من ممارساته الفاضحة في كل من شمال سورية وليبيا وإقليم ناغورني قره باغ, وليس انتهاء بانتهاكاته الصارخة في شرق البحر المتوسط, وتصعيد حدة التوتر من خلال أعمال التنقيب غير الشرعية قبالة سواحل قبرص.

كما من المقرر أن يبحث وزراء دفاع “ناتو” شراء النظام التركي لمنظومة صواريخ “أس400” الروسية رغم رفض الحلفاء وخاصة واشنطن بوصف هذه المنظومة تشكل تهديداً لمنظومات “ناتو” ومقاتلات “إف35” التي تمتلكها بعض الدول الغربية.

وفيما لم تصرح بعد إدارة بايدن إذا كانت ستفرض عقوبات على تركيا بسبب أعمالها العدوانية في المنطقة, أكد مسؤولون أمريكيون أن جهود رأب الصدع التي سيقوم بها أوستن خلال الاجتماع ستشمل حتماً تضامناً مع الدول الأوروبية التي دخل معها أردوغان بمواجهة على أكثر من جبهة, مؤكدين أن فرضية تسليط عقوبات قاسية على تركيا أمر قيد الدراسة حالياً, لأنه قد حان الوقت لمواجهة التمادي التركي، في إشارة ضمنية إلى أن ترامب لم يكن حازماً بما فيه الكفاية لكبح الممارسات التركية العدوانية.

اللافت, أنه في الوقت الذي يسود فيه اعتقاد كبير بين أعضاء “ناتو” أن تركيا أصبحت عبئاً عليه في ظل ممارساتها العدوانية وانتهاكها للقانون الدولي وإثارة الخلافات والانقسامات داخل الحلف الذي يواجه تحديات أمنية كبيرة وهو بغنى عن المزيد من المشاكل الجانبية داخله, يتطلع أردوغان إلى تبديد الخلافات مع حلفائه الأوروبيين والأميركيين لتفادي تعميق عزلة بلاده الدولية وتجنب عقوبات اقتصادية لا يقوى الاقتصاد التركي المتهالك أساساً على تحمل تداعياتها.

صحيح أن العلاقات الأوروبية- التركية, والأمريكية- التركية، في أسوأ حالاتها بفعل سياسات أردوغان، إلا أنه من المبكر جداً معرفة توجهات بايدن إزاء تركيا، خاصة في ظل التناقض الذي لا يزال يطبع الملامح الأولية لسياسة بايدن الخارجية، رغم أن كل المؤشرات تؤكد أن الرئيس الذي وصف قبل توليه الرئاسة أردوغان بالمستبد الكبير، سيظهر حزماً أكبر بكثير من ترامب الذي غض الطرف عن سلسلة الانتهاكات الطويلة لنظام أردوغان..

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار