تقرير- ربى زين الدين:
وسط دعوات دولية عديدة تطالب بخروج جميع المقاتلين والمرتزقة الأجانب من ليبيا، لضمان نجاح العملية السياسية والمسار السياسي هناك، يواصل النظام التركي تدخله السافر في هذا البلد عبر إرسال المزيد من المرتزقة.
وعلى الرغم من الاتفاق بين الفرقاء الليبيين الشهر الماضي على خروج جميع المقاتلين الأجانب من ليبيا، والتي نتج عنها تولي مجلس رئاسي جديد يضمن إنهاء الحرب فيها، ذكرت مصادر بالعاصمة الليبية طرابلس، أن حركة الطائرات التركية لنقل المرتزقة والإرهابيين إلى غرب ليبيا لا تزال مستمرة.
ويبدو أن النظام التركي لا يبالي بما يقرره المجتمع الدولي، ضارباً عرض الحائط بكل ما يقرره بشأن إنهاء الحرب في ليبيا، حيث زعم ياسين أقطاي مستشار رئيس النظام التركي رجب أردوغان نهاية الأسبوع الماضي، أن المجلس الرئاسي الجديد في ليبيا يدعم دور أنقرة في ليبيا، ولا يعارض التدخل العسكري التركي في البلاد.
وأضاف أقطاي: الاتفاقيات التي عقدت بين نظامه وحكومة السراج “لن تتأثر بوجود المجلس الرئاسي الجديد، بل على العكس تدعم الدور التركي هناك” حسب زعمه.
جاء ذلك بالتزامن مع تحذير أقطاي مما سماه محاولة دول إقليمية تقويض الدور التركي في غرب ليبيا، حسب زعمه، وهو ما اعتبره المراقبون محاولة “لدق إسفين” بين المجلس الرئاسي الجديد والجيش الوطني الليبي.
بدوره صرح المتحدث باسم رئاسة النظام التركي إبراهيم كالين، أن “الوجود العسكري التركي” في ليبيا سيظل قائماً طالما استمرت مذكرة التفاهم الموقعة مع السراج. وأضاف كالين: “لا يمكن لأي مفاوضات أو مسار سياسي أن ينجح في ليبيا من دون وجود تركيا”.
وهو ما صرح به قبل أن يشير إلى دور الشركات التركية في إعادة إعمار ليبيا مستقبلاً، عندما قال: “ليبيا بلد غني بثرواته النفطية وما يملكه من سواحل شاسعة على المتوسط، إلا أن الشعب لا يستفيد من هذه الثروات، وفي حال قامت تركيا بإدارة لتلك المصادر فستتحقق الرفاهية للشعب الليبي خلال فترة قصيرة”.
وفي ذلك السياق، قال مدير إدارة التوجيه المعنوي بالقوات المسلحة الليبية اللواء خالد المحجوب: إن الجيش الوطني الليبي أبدى تعاوناً كبيراً مع كافة الأطراف لخروج البلاد من تلك المرحلة الصعبة.
وأضاف المحجوب: القيادة العامة للجيش الوطني الليبي متمسكة بكل القرارات الدولية التي تطالب بخروج كافة المرتزقة والمسلحين الأجانب من البلاد، لضمان تحقيق الاستقرار أولاً، والحفاظ على التقدم في مسار العملية السياسية وتحقيق ديمقراطية حقيقية ثانياً.
ويرى مراقبون أن هدف تركيا الأول هو نسف أي حوار سياسي بين الفرقاء الليبيين، وعرقلة جهود الأمم المتحدة والأسرة الدولية لإنهاء الحرب، وأن تركيا تدرك جيداً أن قوتها في الملف الليبي تأتي من التفكك الداخلي، لذلك كانت عبر الثلاثة أعوام الأخيرة تعمل على قطع أي اتصال بين الشرق والغرب، أو وقف أي تقدم من الشرق للجنوب.
وبموجب اتفاق وقف إطلاق النار في ليبيا الذي وقع في 23 تشرين الأول الماضي، كان يجب أن يغادر المرتزقة الأجانب ليبيا خلال الأشهر الثلاثة التي تلت توقيع الاتفاق، أي بحلول 23 كانون الثاني الماضي، وهو ما لم يحدث رغم انتهاء تلك المدة، بينما حدث العكس في ظل استمرار أردوغان بإرسال المرتزقة الأجانب لمصراتة وطرابلس وغيرها من مدن الغرب الليبي، وحشد هؤلاء الإرهابيين على خط تماس سرت- الجفرة.
تركيا تضرب عرض الحائط بكل القرارات الدولية والجهود الإقليمية التي تهدف إلى إنهاء الحرب في ليبيا وإخراج المرتزقة الأجانب منها، وفي نفس الوقت لا يزال النظام التركي مستمراً في تثبيت حضوره بغرب ليبيا عبر المرتزقة، لفرض أمر واقع على المجتمع الدولي والشعب الليبي نفسه، الذي بات يدرك أن المشكلة لم تعد في الداخل الليبي، ولكن في التدخل التركي السافر في ليبيا.