جواد ديوب :
وامتلأ الكوكبُ بالأعياد العالمية: اليوم العالمي للحب، اليوم العالمي للإذاعة، اليوم العالمي للشجرة، للتصحّر، للعمال، للمسرح، للغّة الأمّ، لأصحاب اليد اليسرى، للمسرح، للشعر، حتى إنني تفاجأت بأنه يوجد – فعلاً وحقيقةً – يومٌ عالمي للشّاي ولسمك التونة ولـ«اللفول والحمّص والعدس»! كما اجتمعت الأمم المتحدة بكامل هيبتها ووقارها وقرّرت بالإجماع أن هناك «يوماً عالمياً لدورات المياه»!.
أما مِنْ يومٍ عالميّ للعزلة رغم آلاف الوحيدين؟ أما مِن يومٍ دوليٍّ للكآبة رغم كآبتنا المزمنة؟ ألا يستحق البكاء يوماً عالمياً رغم أنهار الدموع التي يذرفها البشر يومياً؟ ألا يستأهل المحزونون يوماً يحضنهم و«يُطبطِب» على جراحهم ومواجعهم؟
والضّجر! ألا يستحقّ الضجرُ يوماً نُطيّب به خاطِرَه؟ لأننا نتأفّفُ في حياتنا من كل شيء، نعدّ الدقائق ونحن في العمل في انتظار موعدِ العودة إلى البيت، نتأفّفُ ونعدّ الثواني ونحن في بيوتنا كي نهرب إلى الأصدقاء، ثم نتململُ ونهرب نحو ثرثرة الناس وننتظر أن تهبنا الحياة فرصة التعرّف إلى مَن يهزّنا من دهشتنا، فنهرب إلى العزلة من جديد، ثم نسأمُ منها ونهربُ من هروبنا.
نهرب من منغّصاتِ الأخبار، وطعنات الاقتصاد، وذئاب السياسة، وخيبات الزمن، ونعود مثل المشرّدين إلى يوميات العبث والجنون.
نقلقُ مثل موظفي الأمم المتحدة بمعدّل ستين «قلقة» بالدقيقة، ثم لا نلبثُ أن نستدمجَ القلقَ بِـروتين أيامنا كما لو أنه وجبة طعامٍ ابتلعناها ألف مرّة.
ورغم أن هناك شيئاً ما مفقوداً، وأشياء مُشتهاة، وأياماً ناقصة، وضحكات مبتورة… إلا أن هناك الكثير الكثير من الأمل أيضاً .. الأملُ الذي لم يخطر في بال أحد أن يُهديه يوماً عالمياً.
لكنني ولأجله سأشغّل «فلاشتي» على أعلى صوت وأجعلها تصدحُ بأغنية «آآآه لقيت الطبطبة» وأجعل جيراني وكل سكان البناية يرقصون على إيقاع الجنون!.