“سبوتنيكV” من مرفوض أوروبياً إلى مرغوب..

 تقرير- هبا علي أحمد: 

يتذبذب الأوروبيون في علاقاتهم مع روسيا، فما إن يغلقوا أحد الأبواب معها حتى يتهافتوا لفتح باب من جهة أخرى، لأسباب سياسية واقتصادية وربما لمحاولة “احتواء” القوة الروسية الدولية، لكن بمجمل الأحوال هو اعتراف موارب بالحاجة إلى روسيا.

قاد الأوروبيون مع أمريكا مسرحية هزلية عندما حاربوا اللقاح الروسي “سبوتنيكV”، حيث ظل هذا اللقاح موضع تشكيك من الأوروبيين، لتنتهي هذه المسرحية بأن يصبح “سبوتنيكV” حاجة أوروبية ملحة ولاسيما أن اللقاحات الغربية لم تثبت كفاءتها كما اللقاح الروسي، إضافة إلى أنها لم تسد حاجة القارة العجوز.

التهافت الأوروبي على اللقاح الروسي كان واضحاً من خلال الأصوات التي رُفعت في الاتحاد الأوروبي مطالبة بالتسريع في إجراءات تسجيل اللقاح الروسي كي يتم استخدامه في التطعيم ضد “كورونا”.

ليس هذا فحسب فتصريحات القادة الأوروبيين كانت لافتة، فالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون شدد على أن اتخاذ القرار بشأن استخدام “سبوتنيكV” لا ينبغي أن يكون سياسياً بل علمياً، بالتزامن دعت زعيمة حزب الجبهة الوطنية الفرنسية مارين لوبان إلى التعامل مع روسيا بذكاء والتخلي عن معاداتها، بدورها أعلنت اسبانيا عن استعدادها لاستخدام اللقاح الروسي، وأعربت القيادة الألمانية عن استعدادها المساعدة في تسجيل اللقاح الروسي في الاتحاد الأوروبي، وكان لافتاً بصورة أكبر دعوة المستشار النمساوي سيباستيان كورتس إلى ترك المحرمات الجيوسياسية جانباً عندما تقوم الوكالة الطبية الأوروبية بدراسة إمكانية تسجيل اللقاحات من روسيا والصين.

في ظل الحاجة يسقط التسييس ويوضع جانباً، وتُغيب عن الذهنية الأوروبية الأسباب التي حورب لأجلها اللقاح الروسي، والتي تمحورت بشكل أساس حول الخوف من القوة الروسية وأن يصبح اللقاح مصدر ثقة وأمان وطلب من الكثير من الدول، ما يمكن أن يؤدي إلى شبكة علاقات دولية أوسع في مختلف الصعيد بين روسيا ودول العالم، أي انتفاء الحاجة للغرب المتسلط.

اللقاح الروسي فوت على الغرب نزعة السيطرة واستغلال حاجة الدول والشعوب، وبصورة أوسع أظهرت روسيا بتعاملها الأخلاقي والإنساني مع جائحة “كورونا” الانحطاط الأخلاقي والإنساني للغرب.

معركة اللقاحات التي قادها الغرب هي في أحد أوجهها صراع بين النزعة الرأسمالية الغربية وحمايتها كفكرة قائمة على أولوية المال والاقتصاد في مواجهة النقيض القائم على الرعاية الاجتماعية والإنسانية أولاً ومن ثم الاهتمامات الاقتصادية ثانياً.

كل محاولات الغرب لإفشال روسيا وشيطنتها لم تحل دون تسجيل روسيا الانتصار، إذ أشار عالم السياسة الفرنسي باسكال بونيفاس إلى أن البحث عن لقاح ضد “كورونا” ومشكلة توزيعه أدت إلى ظهور دبلوماسية اللقاح، فالدول الغربية لم تظهر نفسها بأفضل طريقة، مؤكداً أن روسيا حققت انتصاراً جيوسياسياً.

قول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن محاولات كبح نمو روسيا وتطور قدراتها تتصاعد كلما أصبحت أكثر قوة وتطوراً، هو أدق توصيف للأسباب الكامنة وراء محاولات الغرب التضييق على روسيا وحتى فرض عقوبات عليها.

بالمحصلة استقطب اللقاح الروسي الأضواء عالمياً ولم يملك الغرب سوى المشاهدة ومد يد الحاجة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار