استفسارات منطقية

الدكتور سنان علي ديب:

كثيرة هي التصريحات والخطابات التي تولّد لدى المتلقي حالة من الذهول لخروج السياق عن المنطق وتجاوزه الواقع ليكون التساؤل عن محتوى الحديث ومن ثم عن جدارة المتحدث وكفاءته للخوض بموضوع كهذا ومن ثم الاستفسار عن اختيار المتحدث.
كثيرة هي الأمور التي تتناول الأوضاع في وقتنا هذا الصعب والحرج والتي تشخص بتصريحات تولد استفسارات متعددة تبعاً للظرف والواقع ولكن سنختصر بأمرين؛ الأول حول السياسة النقدية وسعر الصرف, ففي لقاء متكرر مع شخص غير اختصاصي ليكرر المحتوى والفكرة التي لم تتغير حول موضوع أثبتت سيرورة الأحداث تعقد وتعدد المسببات وغالبها بعيد عن المنطق الاقتصادي وعن واقعيته على الأرض، ودوماً الكلام عن قصور السياسات النقدية والمالية ولن نخوض بهذا الموضوع لأننا منذ بدء حرب المضاربات والإرهاب الاقتصادي منذ سنوات كنا نرى من وجهة نظرنا ومجهرنا هذه الرؤية ولكن نختلف مع رؤيته بالتشخيص والمسببات و أرجعنا أغلب المسببات لمضاربات «فيسبوكية» ومن خارج الحدود و سوق سوداء كلما حوصرت عادت أقوى وفق تغاضيات و حمايات، فكانت رؤيتنا تحويل الموضوع لأمني يتزامن مع السياسات المنتقاة المفيدة ونجحت الفكرة بالتزامن مع المرسومين ٣ و٤ اللذين تصديا لتجاوزات صانعي وحامي السوق السوداء ولكن سرعان ما أعيدت أقوى رغم محاولات الأجهزة المختصة وآخرها ما تناقله الإعلام عن ضبط الأمن الجنائي في اللاذقية شبكة ومصادرة كمية من الدولارات والليرة السورية و«العدة»، وبالتالي متابعات كهذه وإجراءات تسهم في الضبط وعدم التداول والذي أغلبه للربح و التخزين وبعضه مرتبط بالإرهاب الاقتصادي ليتناغم مع العقوبات والحصار الجائر.
نعود لطرح المستضاف المتكرر و المتضمن رفع سعر الصرف و تصحيح الاقتصاد والدفاع عنه وهو ما أصابنا بالذهول, فرفع سعر الصرف لما هو عليه اليوم نجم عنه تضخم كبير وازدياد تكاليف الإنتاج و زيادة الفجوة بين متطلبات الحياة و حجم الدخول لندخل بالركود التضخمي.
وهذا الطرح غير الواقعي وغير المنطقي وغير العقلاني وضعنا أمام استفسارات وهي خطورته وخطورة عرضه والخوف من تمريره وكذلك عن معايير الاختيار للقاءات ومواضيع خطيرة في ظل ظروف صعبة .. مصلحة الوطن هي تجاوز الرفاهيات الفكرية و الآلام لتجاوز مرحلة من أهم مراحل البلد.
مرحلة مهما كانت خلفيتك يجب التخندق لحماية سورية التاريخ والحاضر و بناء المستقبل في ظل تكالب الإرهاب الاقتصادي وأدواته و اشتداد المعاناة واستنفار الوطنيين وعدم مبالاة تجار الأزمات والأوطان.
وكذلك استفسار حول من يقوض دور المؤسسات المختصة لمواجهة من يصنع السوق السوداء علناً وفي وضح النهار و يروّج لأسعار مضاربة لا تعطي الصورة الحقيقية لتتبع برفع أسعار من دون ضوابط لتستكمل لوحة التحطيم النفسي وزيادة المعاناة للسير ببرامج ختامها دمار الوطن والمواطن.
ومنذ فترة في السياق نفسه طرح عجيب بتعويم العملة رغم ظروف حرب وحصار جائر على بلدنا و محاولة قطع الطريق على وصول العملات للمركزي ومنعها من التحويلات النظامية.
وهذه استفسارات جزئية لمواضيع متعددة ويبقى الاستفسار عن آلية اختيار الشخوص لتدلي بدلوها وتوقيت هذا الاختيار.
وفي مجال آخر وبخصوص ما سمي عيد الحب ونحن كسوريين كنا نقول الحب والمحبة مستمران ولا حاجة لعيد يذكّرنا بهما ولكن هل ما زلنا محافظين عليهما، وهل سيذكرنا عيد الحب بهما لنراجع سلوكنا ؟
طغت الأنانية والفردية على اجتماعيتنا وحتى الوطن أصبح يناجينا لمزيد من الحب والتضحية..
فهل نتفاءل بعودة الحب ؟
استفسارات..واستفسارات
ويبقى الولاء للوطن هو معيار الانتماء ويجب ألّا تشوبه شائبة أو يضعنا بتساؤلات واستفسارات.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار