تقرير إخباري:
تبحث فرنسا وحليفاتها الخمس في الساحل الإفريقي اليوم موضوع المتطرفين في المنطقة التي تمزقها نزاعات، وسط رغبة فرنسية عن دعم يتيح لها خفض عديد قواتها في المنطقة.
لقاء قادة دول الساحل الخمس -بوركينا فاسو وتشاد ومالي وموريتانيا والنيجر– يعقد في العاصمة التشادية نجامينا وسيشارك فيه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عبر الفيديو.
تأتي القمة التي تستمر يومين، بعد عام على تعزيز فرنسا انتشارها في منطقة الساحل على أمل استعادة الزخم في المعركة التي طال أمدها.
لكن رغم ما يوصف بأنها نجاحات عسكرية، لا يزال المتطرفون يسيطرون على مساحات شاسعة من الأراضي ويشنون هجمات بلا هوادة. وقتل ستة من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في مالي هذا العام وحده، وخسرت فرنسا خمسة جنود منذ كانون الأول.
الهجمات الأخيرة رفعت أيضاً عدد القتلى الفرنسيين في المعارك في مالي إلى 50، ما استدعى نقاشاً في الداخل الفرنسي حول كلفة مهمة «برخان» والفائدة منها. وتعالت الأصوات في الداخل الفرنسي للمطالبة بتوضيحات حول كلفة وفائدة عملية “برخان” الأمر الذي دفع الرئيس ماكرون الشهر الماضي لفتح الباب أمام إمكان الانسحاب، ما يشير إلى أن فرنسا قد “تعدل” التزامها العسكري؛ كما تعزز هذه الحصيلة فكرة أن المتطرفين لا يمكن هزيمتهم بالوسائل العسكرية وحدها.
وهو ما أشار إليه جان ايرفيه جيزيكيل مدير منطقة الساحل في مجموعة الأزمات الدولية لوكالة الصحافة الفرنسية: “العمل العسكري التقليدي فشل في توجيه ضربة قاضية”، وأضاف: “إن المتطرفين قادرون على إدارة ظهورهم وتجاوز النظام والاستمرار”.
ورغم الشائعات، من غير المتوقع أن تعلن فرنسا عن أي انسحاب لقواتها خلال اجتماع نجامينا. بدلاً من ذلك، ولتخفيف العبء، تأمل الحصول على مزيد من الدعم العسكري من شركائها الأوروبيين من خلال مهمة «تاكوبا» التي تساعد مالي في قتالها ضد المتطرفين.
وقال مامادو كوناتي وزير العدل المالي السابق، إنه يعتقد أن قمة نجامينا لن تكون ذات أهمية، مثل القمة السابقة والمستقبلية.
وفي 2017، أطلقت مجموعة الدول الخمس قوة قوامها خمسة آلاف عنصر، لكنها لا تزال متعثرة بسبب نقص الأموال وسوء المعدات والتدريب غير الكافي. وأوضح مثال على ذلك هو أن الجنود في بوركينا فاسو غالباً ما يتركون قواعدهم.
باختصار السلاح وحده لا يكفي، ولابد من استعادة الثقة بمنطقة الساحل، فدول هذه المنطقة تعاني من خطر الإرهاب المتنامي، والمساعدة العسكرية الأوروبية أمر مهم ولكنها ليست كل شيء، فمن دون حل الأزمة في ليبيا، وكف الدول الأوروبية عن التدخل في شؤون هذه الدول وفرض الوصاية عليها، لن يحصل شيء.
وكان الرئيس الفرنسي منذ كانون الأول يعتزم جمع زعماء دول بلدان الساحل الخمسة حول طاولة واحدة في مدينة بو الفرنسية للتباحث معهم حول “مكافحة الإرهاب” والمشاعر المناوئة للفرنسيين. لكن تم تأجيل القمة في آخر دقيقة رسمياً بسبب اعتداء في النيجر؛ لكن تردد أن زعماء دول إفريقيا الغربية كانوا مستائين من الطريقة التي وجه بها ماكرون الدعوة إليهم، دعوة ذكرت العديد من مواطني هذه البلدان باستدعاء تعبير “Francafrique” وهو مصطلح مشتق فرنسا- إفريقيا، في الإشارة إلى المستعمرات الفرنسية..
العلاقة بين فرنسا وإفريقيا علاقة صعبة ومعقدة وتقوم على شبكة ملتوية من أصحاب القرار والشركات وشركاء آخرين. ويتعلق الأمر في أعين الكثير من الأفارقة الناطقين بالفرنسية بدعم دكتاتوريين مقابل الولوج الفرنسي لموارد القارة. وحتى التعاون العسكري يُعتبر جزءاً من هذا النظام.