تسلك العلاقة الصينية- الأميركية طريقاً جديداً نحو شكل مختلف من التفاهم بين الطرفين، توج بالاتصال الهاتفي الأول من نوعه الذي أجراه الرئيس الأميركي جو بايدن مع نظيره الصيني شي جين بينغ وما تضمن من تأكيد التنافس وليس العداء أو المواجهة التي هي كارثة للبلدين وللعالم كما أكد الرئيس شي.
الاتصال مهد الأرضية لمزيد من النقاش بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم وعلى عدة صعد بدءاً من الاقتصاد والسياسة، لبلورة علاقات جديدة بعد أن تهشمت كثيراً بفعل سياسات الرئيس السابق دونالد ترامب.
الرئيس الصيني شدد على أن التعاون هو الخيار الوحيد في العلاقات الثنائية بين بكين وواشنطن وقال: على الرغم من اختلاف وجهات النظر حول بعض القضايا، إلا أنه يجب حل الخلافات على أساس الاحترام المتبادل, داعياً إلى استئناف آليات الحوار بين بكين وواشنطن، وتحديد سياسات كل طرف تجاه الآخر بشكل صحيح من أجل تجنب الحسابات والأحكام الخاطئة.
ولبايدن وجهة نظر يمكن وصفها بالمتقاربة مع بكين حول العلاقات الجديدة وهو يدرك أنه لا يمكن إرجاع عقارب الساعة إلى الوراء أي إلى حقبة الرئيس السابق باراك أوباما والتي كان فيها نائباً للرئيس، لأن المعطيات تغيرت وإن كانت النقاط الخلافية بعدها قائمة وأبرزها الملكية الفكرية، لتكون اللغة القائمة حالياً هي التنافس بما فيه مصلحة كل بلد، وكذلك لا يمكن لبايدن الاستمرار بسياسات ترامب التدميرية التي أفرزت حرباً لم تكن واشنطن المنتصر فيها، وعليه أكد بايدن خلال الاتصال التزامه بالسعي للانخراط في علاقة عملية مع الصين تهدف إلى تحقيق نتائج عندما يخدم ذلك مصالح الولايات المتحدة وحلفائها.
نهج المواجهة التخريبي ضد بكين الذي كرسه ترامب, يتطلب من إدارة بايدن أن تتخذ الخطوة الأولى نحو نهج عملي ومنطقي لإدارة العلاقة مع بكين بعيداً عن المواجهة والتلويح بالحرب العسكرية واستخدام التعريفات الجمركية وما تسميه (القلق على حقوق الإنسان) للي الذراع الصينية والحد من تطورها التقني الذي يدخل بكل المجالات الاقتصادية والعسكرية.
إن فتح نافذة جديدة في العلاقات يحتاج لطي صفحة سياسات ترامب وإظهار الالتزام الكامل سياسياً واقتصادياً وسيادياً وهذا يتطلب من واشنطن الاعتراف بأن قضايا تايوان وهونغ كونغ وإقليم شنغيانغ شأن داخلي للصين، ويجب عليها احترام وفصل الخلافات الاقتصادية ومعالجتها بشكل محايد عن الشؤون السياسية الداخلية لبكين التي لها الحق الكامل بالسيادة على أراضيها.
البوادر الإيجابية التي خرجت من الاتصال بين الرئيسين تحتاج قراراً حاسماً من واشنطن البادئة بالحرب ضد بكين وبالتالي شكل العلاقة الثنائية لن يكون معكوساً على طبيعة التنافس بين البلدين بل أيضاً على النظام العالمي إما بتقويته أو تحطيمه.