تسويف أمريكي!
قالها جون كيربي صراحة ومن على منبر البنتاغون وباسم وزارة الدفاع الأمريكية في مؤتمر صحفي حضرته أكثر من مئة وسيلة إعلامية وازنة وفي مقدمتها «نيويورك تايمز» و«الواشنطن بوست» و«وول ستريت جورنال»: “إن موظفي وزارة الدفاع ومقاوليها ليسوا مخولين بعد اليوم مدّ يد العون والمساعدة إلى شركة النفط الأمريكية «دلتا كريسنت إنيرجي» الخاصة التي تستغل موارد الطاقة في سورية من نفط وغاز، ولا إلى موظفي هذه الشركة المومأ إليها أو إلى أحد وكلائها.. وأن “مهمة القوات الأمريكية هي محاربة تنظيم «داعش» في الجزيرة السورية”.
يقول المثل الشعبي «إذا لم تستح فافعل ما شئت»، وهذا ينطبق على المتحدث كيربي.. وينطبق عليه أكثر «مجنون يحكي وعاقل يسمع».. هل فعلاً الإدارة الأمريكية الديمقراطية عازمة على إنهاء احتلالها للجزيرة السورية المستمر منذ 5 سنوات؟.. أم هي كذبة على غرار كذبات الرئيس السابق دونالد ترامب الذي لوح أكثر من مرة خلال ولايته التي امتدت منذ العام 2016 وحتى 2020 بسحب قواته ولكن كانت مجرد “تغريدات” هوائية؟ أم هي استدارة أمريكية جديدة بنكهة ديمقراطية برئاسة جو بايدن؟ أم مناورة أخرى من مناورات الإدارات الأمريكية التي اعتدنا عليها لذرّ الرماد في العيون؟ أم اختلاف على الحصص والأرباح؟ أم الإدارة الديمقراطية الجديدة تريد نسبة أكبر من الحصة التي كان ينالها الرئيس السابق ترامب؟ أم تنوي إدارة بايدن التعاقد مع شركة أخرى غير معروفة بعد أن احترقت صورة شركة «إنيرجي» وذاع صيتها القذر؟ أم تريد إدارة بايدن استقدام شركات عملاقة أكبر لنهب أكثر والتنقيب وحفر آبار جديدة للنفط والغاز؟.
وإذا كان كيري يبرر مهمة جنود بلاده بمحاربة تنظيم «داعش» في الجزيرة السورية.. وهذا كلام باطل يُراد به باطل؟ فماذا عن «داعش» في البادية السورية؟ ولماذا لا تحاربهم أمريكا كما تدّعي.. وهي من صنعتهم.. وهي من تدربهم.. وتزوّدهم بأحدث الأسلحة والأجهزة اللاسلكية وأجهزة الاتصالات.. وهم الذين يتنقلون من مخيم «الركبان» -عفواً معسكر الركبان- الذي تشرف على إدارته القاعدة الأمريكية في “التنف”.. وهذه القاعدة هي من توجّه الإرهابيين للاعتداء على المدنيين والعسكريين على طريق حمص- دير الزور، وطريق وأثريا- السلمية، وكانت اعتداءات أمس الأول خير شاهد.
واللافت في حديث المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية أن أمريكا تسرق النفط لمنع وصوله إلى «داعش» والسماح لمليشيا «قسد» بتمويل جهودها لإعادة الإعمار؟ هل تعلم أمريكا -وهي تعلم- أن «داعش» و«قسد» وجهان لعملة أمريكية واحدة؟.. وعن أي إعمار تتحدث الإدارة الأمريكية و«قسد» حاصرت وما تزال تحاصر أبناء جلدتها في مدينتي الحسكة والقامشلي، وتمنع وتقطع الماء والغذاء والدواء، وحتى رغيف الخبز عنهم لعدة أيام؟
فهل تصدق الإدارة الأمريكية مع نفسها.. وتكف عن الكذب والنفاق والخداع والاستدارات والانفصال عن الواقع وتكون لديها الشجاعة على الاعتراف بالخطأ الموصوف والرجوع عنه وإنهاء الاحتلال وسرقة خيرات الجزيرة السورية وحرمان السوريين من خيراتهم ولو مرة واحدة في تاريخها المتخم بالاحتلالات ونهب خيرات الأمم والشعوب أم تبقى تحاول تلميع صورتها عبر ماكينتها الإعلامية وتظلل الرأي العام العالمي؟!.