يواجه العالم تحولات سياسية واقتصادية غير مسبوقة تتعلق بعملية تغير المناخ، ومصادر الطاقة المختلفة والذي بات يشكل تهديداً حقيقياً وداهماً للرخاء الذي يتمتع به الكثيرون.. ولا تزال التغيرات المناخية متواصلة جراء الانبعاثات المتأتية من الوقود الأحفوري.
ومن المهم الإشارة إلى أن الاستفادة من الطاقات المتجددة يخلق فرص عمل ويحد من تلوث الهواء على الصعد المحلية ما يساعد في حماية الاقتصاد، كونها الطاقة الأسرع الكفيلة بتوسيع استخدام الكهرباء.
وبالرغم من تركيز العالم على سوق النفط والفحم، يسعى الغرب للتخلص من اعتماده على الوقود الأحفوري، من خلال ما يشهده العالم من تطور للحد من انبعاثات المواد الضارة في الغلاف الجوي، ولذلك تسعى أوروبا بحلول عام ٢٠٢٥ للتخلي عن الفحم والنفط، والتحول لمصادر طاقة صديقة للبيئة.
ولا تزال أوروبا أكبر سوق لاستهلاك الفحم كوقود للكثير من المعامل والمنشآت الصناعية، والتي تزود أيضاً محطات توليد الكهرباء. وإذا كانت دول غنية كالسويد والنمسا وغيرها قادرة على التخلي عن الوقود الرخيص، فإن العديد من دول أوروبا الشرقية لم تفكر في ذلك حتى الآن، فمازالت مصادر الفحم واحدة من أرخص حوامل الطاقة وأكثرها سهولة في الاستخراج والنقل، وأطولها تخزيناً.. كما أن محطات الطاقة والتدفئة المشتركة التي تعمل بالفحم أرخص في البناء والتشغيل لذلك ليس من الممكن حتى الآن التخلي تماماً عن الفحم لأسباب اقتصادية حيث مازالت محطات الطاقة الكهربائية تعمل على الفحم بواسطة محطات حرارية.
مقابل ذلك، مازالت مصادر الطاقة البديلة -والتي تحظى بشعبية كبيرة في الغرب- غير موثوقة لتوفير الكهرباء للبلدان ذات الصناعات القوية فمن الصعب التخيل أن أغنى البلدان في الغرب ستكون على استعداد لتهديد مستوى العيش فيها، إذ تحتاج مسارات التحول للطاقات المتجددة -والخروج من نهج القالب المعزول الداعم للتكنولوجيا الفردية- إلى نهج يرسم أهدافاً طويلة الأجل، ويفضي إلى التقليل من تكاليف باهظة لأدنى حد ممكن، وبالتالي تضييق أوجه التباين في التكاليف بين الأسواق من خلال بلوغ الأهداف بالنواحي الاقتصادية والبيئية والاجتماعية.
إلى ذلك، ربما يكون لنجاح أوروبا بتطوير مصادر طاقة جديدة علاقة بطريقة غربية معروفة لحماية بيئتها، وذلك بنقل الإنتاج الملوث والمستهلك للطاقة إلى بلدان أخرى. فكلما قل استهلاك الغرب للوقود الأحفوري سيزيد مبيعاته للشرق وإفريقيا.
وتشهد القارة المظلمة /إفريقيا/ طفرة صناعية حقيقية بما يزيد معدلات مصادر الطاقة المختلفة. هذه القارة تحظى باهتمام وتأثير صيني خاص، إذ إن الصين تعزز القارة باستثمارات ضخمة من خلال مشروع «حزام واحد طريق واحد» لتتحول إفريقيا إلى سوق عملاقة للمنتجات الصينية تمتد خلالها خطوط السكك الحديدية، والطرق السريعة من ساحل المحيط الهندي إلى الأطلسي.
وتقوم روسيا بتوريد الفحم للدول الإفريقية بالاعتماد على حقيقة العلم الحديث باستخدام مصادر الطاقة القديمة وتقنيات الفحم بمبدأ الكفاءة العالية والانبعاثات المنخفضة. وتتضمن هذه التقنيات ما يسمى محطات الفحم فوق الحرجة، وتعويز الفحم. وتخطط الصين والهند وفيتنام ودول أخرى لبناء حوالي ألف محطة طاقة تعمل بالفحم باستخدام تقنية الانبعاثات المنخفضة.. وهذا ما يجعل دعاة حماية البيئة الغربيين يعيدون النظر بدراساتهم في هذا الصدد، وبالتالي سيستمر التطور الصناعي للمناطق المختلفة اقتصادياً من الأرض مع البحث عن طرق لجعل هذا التطور صديقاً للبيئة قدر الإمكان.
عن «نيو إيسترن آوت لوك»