لطالما كان وقف العدوان السعودي على اليمن ورفع الحصار هو الأرضية الثابتة لدى الشعب اليمني والتي يمكن أن يُبنى عليها، رغم ذلك كل التحركات الأممية والدعوات الدولية لوقف العدوان وحتى المفاوضات اليمنية في السويد التي تمت برعاية أممية لم تُنجز أي من هذين الشرطين.
إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن وقف دعم العدوان السعودي على اليمن يبدو -بعيداً عن التشاؤم- ملغوماً رغم ارتباطه بالعديد من الإجراءات الأخرى كتعيين مبعوث أمريكي جديد إلى اليمن تيموثي ليندر كينغ، ومراجعة قرار أمريكي سابق بإدراج حركة “أنصار الله” اليمنية على ما يسمى “قائمة الإرهاب”.
ملغوم لأنه ينص على وقف دعم العدوان، وليس ردع السعودية ورفع الحصار، ولأن وقف دعم العدوان رافقه على الطرف النقيض ما نقلته صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية عن مسؤول أمريكي أن إنهاء الحرب سيكون صعباً ولن ينجح من دون متابعة يومية! وملغوم أيضاً لأن الخارجية الأمريكية تطالب “أنصار الله” بوقف أي عملية عسكرية داخل الأراضي اليمنية وخارجها..
فيما يخص تصريح المسؤول الأمريكي بأن إنهاء الحرب سيكون صعباً ويحتاج لمتابعة يومية، هذا يعني أن واشنطن تسعى لفرض وجود عسكري مباشر في اليمن كما حدث في كل من سورية والعراق، وهو ما أشار إليه السفير الإيراني في صنعاء حسن إيرلو، وهذا يتناغم مع ما لفت إليه الخبير العسكري والإستراتيجي اليمني العميد عزيز راشد أن واشنطن تريد التواجد في اليمن.
وفيما يخص مطالبة “أنصار الله” بوقف أي عملية عسكرية، أي تحميل المسؤولية الكاملة للقوى اليمنية وإخلاء “تحالف” العدوان من أي مسؤولية، بل “شرعنة “عدوانه من دون أي مطالبة له بوقف عملياته العدوانية.
بعد كل هذا فالسؤال المطروح ماذا يريد بايدن من السعودية؟ أي كم يجب أن تدفع لإرضائه واستمرار ما كان عليه الحال في عهد ترامب؟
والسؤال أيضاً ماذا يريد بايدن من اليمن؟ ببساطة الأمر الذي يكمن من وراء خطوات بايدن هو حماية “إسرائيل” ولاسيما أن كيان الاحتلال الصهيوني بات في الحسابات اليمنية، وما المتابعة اليومية للوضع كما أعلن عنه المسؤول الأمريكي إلا من باب الحد من الخطر الذي تشكله القوى اليمنية على الكيان، فضلاً عن حسابات أخرى تتعلق بباب المندب الإستراتيجي، أي تأمين المصالح الأمريكية والإسرائيلية.
لا يمكن الوثوق بالنيات الأمريكية حتى يثبت العكس، فالرهان الحقيقي هو على وقف العدوان وإنهاء الأزمة الإنسانية اليمنية عبر رفع الحصار، كما أن جدية التحرك الأمريكي يمكن معرفته من خلال مسار العدوان وعملياته العدوانية خلال الفترة المقبلة هل هو في تصاعد أم تراجع؟.
بالمحصلة، كل المعطيات المتوفرة تأتي في السياق النظري، بينما سياقها العملي هو المحدد الفعلي والتي يمكن بعد ذلك البناء على الإجراءات الأمريكية.