ماذا يريد أردوغان من وراء طرحه صياغة دستور جديد قبل الانتخابات؟
يسعى رئيس النظام التركي رجب أردوغان لإعادة صياغة دستور جديد لبلاده، وذلك قبل عامين من إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية جديدة.
هذا الموقف من أردوغان فاجأ الأوساط السياسية التركية كافة، حيث راح الجميع يبحث في المرامي التي يسعى رأس النظام مبكراً للحصول عليها جراء تغيير الدستور.
السؤال الذي يطرح بقوة الآن: ماذا بقي خارج سلطة أردوغان ولم يصبح بيده، وفي يد الفاشية العثمانية الجديدة، كي يحاول تغيير الدستور؟
وللعلم فإن الدستور الحالي هو دستور أردوغان صاغه قبل عامين عبر تعديل الدستور المعمول به منذ العام 1982 عقب الانقلاب العسكري ليضع كل السلطات بيده حصراً إذ ألغى دور البرلمان حيث يسيطر هو على الحكومة والقضاء والإعلام والبلديات والجيش والشرطة..
ولكي تكتمل فصول الغرابة ألقى رئيس النظام التركي خلال مؤتمر صحفي في أنقرة باللائمة على “الدساتير التي صاغها انقلابيون منذ التسعينيات” في تفاقم مشاكل بلاده، معرباً عن تأييده صياغة دستور جديد، وقال: “قد نتخذ تدابير في هذا الاتجاه في حال توصلنا إلى اتفاق” مع حليفه حزب الحركة القومية.
وتأتي التصريحات الأخيرة لأردوغان في الوقت الذي يتوقع فيه محللون ومعارضون أن يقوم بتسريع موعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقبلة المقررة في 2023، وتنظيم استفتاء دستوري قد يسمح له بحشد قاعدته وخصوصاً بعدما تراجعت شعبيته في السنوات الماضية بسبب الصعوبات الاقتصادية المتفاقمة.
وفي الانتخابات الرئاسية والتشريعية في 2018 أعيد انتخاب أردوغان لكن حزبه “العدالة والتنمية” لم يتمكن من الفوز بالغالبية المطلقة التي تسمح له بالحكم منفرداً.
ويحكم أردوغان تركيا حالياً في إطار تحالف غير رسمي مع دولت بهجلي رئيس حزب الحركة القومية.
وفي دليل على المخاطر التي تحدق به مني أردوغان في 2019 بهزيمة انتخابية كبرى في الانتخابات البلدية وخسر مدينتي إسطنبول وأنقرة اللتين كان أنصاره “الإسلامويون” المحافظون يسيطرون عليهما منذ ربع قرن.
وعلى مدى عقود، جرت سلسلة طويلة من التعديلات الدستورية منذ عام 1987، إلا أن أبرزها التي قادها “العدالة والتنمية” الحاكم وأردوغان، حيث نظم استفتاءين على تعديلات واسعة عامي 2007 و2010، قبل أن يجري الاستفتاء الكبير على تغيير نظام الحكم من برلماني إلى رئاسي عام 2017. وبالمجمل جرى تعديل أكثر من ثلثي مواد الدستور على مدى العقود الماضية.
ورغم نجاح أردوغان في تمرير سلسلة طويلة من التعديلات على الدستور، إلا أنه يريد المزيد على ما يبدو.
لكن في التركيبة السياسية الحالية للبرلمان والتحولات المتسارعة في الأحزاب التركية من حيث الانشقاقات وتشكيل أحزاب جديدة وما سيؤدي إليه كل ذلك من إعادة رسم خريطة التحالفات السياسية بشكل كبير، فإنه من المبكر جداً الحديث عن مدى قدرة رأس النظام التركي على تمرير دستور جديد من خلال البرلمان أو الاستفتاء الشعبي على أن يتضح ذلك تدريجياً خلال الأشهر المقبلة التي ستشهد فيها الحياة السياسية التركية حراكاً كبيراً، على وقع الأزمات الاقتصادية وتوتر علاقات أنقرة مع محيطها بسبب سياسات أردوغان العدوانية..