حصار جائر.. وتعاضد الإخوة ضده
أهالي دير الزور نفذوا وقفة احتجاجية ضد الحصار الذي تفرضه مليشيا «قسد» على الأهالي في مدينتي الحسكة والقامشلي وطالبوا بإنهاء الحصار الجائر الذي أهلك البشر والزرع والضرع.
نعم دير الزور تخرج عن بكرة أبيها، فقد تقاطر المواطنون من كل حدب وصوب من على الحدود العراقية.. ومن على تخوم تدمر.. ومن عمق البادية.. بل المئات من الذين عبروا نهر الفرات من الضفة الشرقية إلى الضفة الغربية يتقاطرون منذ ساعات الفجر الأولى -مع أسرهم- وحتى كتابة هذه السطور للتضامن مع أهلهم في مدينتي الحسكة والقامشلي، وهم يجسدون بذلك الحديث الشريف «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ؛ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى».
هذا إذا اشتكى جزء من هذا الجسد من مرض.. فكيف إذا تعرض جزء من الجسم للنهب والسرقة، والقتل والخطف، وتجفيف الينابيع، وتخريب السدود، وتعطيل العنفات التي تولد الكهرباء.. وصولاً إلى قطع الماء والغذاء والدواء عن هاتين المدينتين.. وحرق المحاصيل.. وتهريب النفط؟..
الجزيرة السورية التي كانت بالأمس «أرض السمن والعسل»، وتؤمّن لكل سورية ما تحتاجه «من البابوج للطربوش».. ومن سلة سورية الغذائية والنفطية والغازية والمائية والكهربائية.. أمست اليوم خاوية على عروشها.. وهذا ما تريده أمريكا وتركيا وميليشيا «قسد» لمضايقة الأهالي لدفعهم لترك بيوتهم، وأرزاقهم.. وإفراغ الجزيرة السورية من عمقها وتاريخها وانتمائها، بعد أن فشلت بالإغراء والمغازلة أحياناً.. وبالعصا والتضييق أحياناً أخرى.
وقد كانت الرسائل والمشاهد الحية التي بعثها أهلنا في الحسكة والقامشلي أمس الأول خير شاهد على فشل كل سياسات أمريكا ومن خلفها «قسد» في “ترويض” الجزيرة السورية بكل مكوناتها، وحتى الوطنية الكردية.. الذين كانوا صفاً واحداً.. يستقبلون رصاص «قسد» بصدورهم.
وها هي دير الزور اليوم تشاطر شقيقتيها الألم.. والوجع.. والمصير.. لأن «قسد» فصلت عامدة متعمدة.. الأسرة الواحدة بين دير الزور والحسكة.. والأسرة الواحدة بين الحسكة والرقة.. بما تسميه زوراً وبهتاناً “شرق الفرات وغرب الفرات”.. الجزيرة السورية هي قلب سورية ورئتها.. ومهما طال الاحتلال وتعددت أساليب القهر والتضييق وكمّ الأفواه.. وقطع الماء والهواء والدواء.. فلن يغير ذلك من الحقيقة شيئاً.. وكما اندحر الاحتلال الفرنسي وقبله العثماني سوف يندحر الاحتلال الأمريكي.. وكما تخلّت «إسرائيل» عن “جيش لحد” العميل عندما هربت ليلاً تجرّ ذيول الهزيمة من جنوب لبنان، وتخلت عنه وعن عناصره.. سوف تندحر أمريكا من الجزيرة السورية وتتخلى عن «قسد» ومن يقف معها.. وتاريخ أمريكا يشهد.. فهل تعتبر مليشيا «قسد» ومن يدور في فلكها؟!