أذهلتني «النكت» التي أطلقها السوريون بشأن «فيروس كورونا» ليس فقط من كميتها وسرعة انتشارها بل من طرافتها فعلاً، فمثلاً كتَبَ أحدهم «والله عندما تمضي موجة الفايروس على خير سأبقى سنتين كاملتين من دون أن أغسل يديّ… العفى»، وآخر قال: «من شدّة ما عقّمتُ وغسلتُ يديّ بالماء والصابون وأزلتُ طبقات الوسخ المتراكمة ظهرتْ الراشيتة التي كتبتُها أيام البكالوريا» فيما أفاقَ آخرُ يعاني أعراض وجع في الرأس و«دوخة» و«لعْية نفْس» ومن شدّة خوفه جلس يدعو الله أن تكون أعراض «حمْل» وليست «كورونا»!.
يقال: إن الضحك يخفّف الألم والهلع ويعزّز الهرمونات المفيدة كالأندورفين ويلطّف المزاج ويزيد من صحّة القلب لأنه يشبه تمارينَ رياضيّة بسيطة يُمارسها الشخص لزيادة نظام المناعة ومقاومة العدوى والمرض. وتذكّرت في «معمعة» الأخبار و«النكت» والترقّب حكايةً غيرت طريقة العلماء في التفكير إذ يحكى «أنّ شاباً دخل قاعة المحاضرات متأخراً فوجدها خالية من زملائه لكنه وجد على اللوح معادلةً رياضية غير محلولة، نسخها وافترض أنها واجبه المنزلي ليوم الغد، هكذا سهر حتى أتمّ حلّها ثم قدّمها لأستاذه في اليوم التالي. ذهل البروفيسور وقال للشاب: «هذه المعادلة لا حلّ لها كما أخبرنا أساتذة الرياضيات عبر التاريخ وقد أعطيتها للطلاب كأنموذج للمعادلات مستحيلة الحل». لكن الطالبَ الذي لم يعرف هذه الحقيقة حلّها في ليلة واحدة». إنها كما يُقال في علم النفس «شجاعة الجاهل» الذي لم تمنعه وساوسه المسبقة من الإقدام على مواجهة الأصعب وشبه المستحيل ليصنع منه إنجازاً.
لكن، هل تصحّ فوائد الضحك الجميلة تلك مع «شجاعة الجهْل» في حالةٍ مثل «كورونا»؟ ربما هي محاولات البشر عبر الأزمان للتقليل من مصائبهم عبر الضحك لكنني شخصيّاً في هذه الجائحة أفضّل أن أمتلك تعقّل العارِف وحذره و«تعقيماته» على شجاعة الجاهل وطرائِفِه و«كوروناته»… لا سمح الله.