وسقَطَتْ «الخطوطُ الحمراء»
ليست هذه المرة الأولى التي يتفوق فيها الجيش العربي السوري على نفسه بإسقاطه «خطوطاً حمراء»، كان الأعداء يعتقدون أنها «خطوطٌ عصيّةٌ ولا يمكن لمؤسسة عسكرية عربية أن تتجاوزها أو حتى تقترب منها»، وكيف لا تكون كذلك وقوامها عتاد وخطط عشرات الدول المتآمرة التي تكالبت على الأرض السورية؟
لكن، بقراءة متأنية للمشهد السوري منذ بداية افتعال الأزمة وحتى اليوم، وما رافق هذا المشهد من إشعال الحرائق «الطائفية» هنا وهناك، و«تخريب» عقول بعض السوريين، ما أدى بالبعض إلى تصديق أوهام قسرية، وافتعال «خراب» داخلي مكّنهم من السيطرة على بعض المدن السورية، والحرب الافتراضية التي مارسوها وفرضوها على الأثير الإعلامي، حتى ظنّ بعضهم أن الدولة السورية «قد انهارت»، لكن، ونتيجة حكمة القيادة السورية وإيمان الشعب بمواطنيته وخانة ولائه كان سقوط «الخطوط الحمراء» العدوانية أمراً مفروغاً منه، ما دام تحت لحظ شعب بحجم وأصالة الشعب السوري، أما وأنّ الحديث صار عن انتصارات الجيش العربي السوري، فالملحمة تبدأ من حيث انتهى انتصار البادية، حيث تمكّن الجيش والقوات الرديفة من بسط السيطرة الكاملة على منطقة ومثلث وحقل أرك النفطي والتلال المحيطة به، للوصول إلى الحدود العراقية وفتح البوابة لدخول دير الزور، بينما تواصل وحدات من الجيش تقدمها في ريف حماة وتستهدف «داعش» في الطبقة.
طبعاً، وقبل كل ذلك، كان نصر حلب الذي قلب الطاولة على رؤوس متزعمي التنظيمات الإرهابية التي ترتكب الجرائم في سورية والعراق.
وفي المقابل، فإن السوريين يعملون في السياسة ومن دون تجاهل أن الأرض والميدان في النهاية هما الحَكَم، فهم ليسوا بطلّاب حروب وموت، لكنهم يدفعون البلاء عن أنفسهم وأطفالهم، وهم الشرعية والحكومة التي تعمل ضمن القانون الدولي وضمن منطق الحياة والموت والشريعة والدين، وإذا كان لا بد من شهادة فهي ما يفعله السوريون بالدفاع عن وطنهم والموت في سبيل نصر الدولة الأم.
«خطٌّ أحمر» سقط.. كان يعتقد الأعداء أنه «السيف» الذي أملوا بأنهم به «قطَّعوا أوصال» السوريين بحيث يكون الكره والحقد مخزون النفوس بخط متوازٍ مع «لعبة» الحرب، ليتجاوز السوريون هذا الحقد بالمصالحات التي عمّت معظم سورية، وليعود الناس إلى بيوتهم وليصفعوا الأعداء في طريقهم صفعةً أخرى بفضح «كذبة التغيير الديموغرافي للبلاد». صحيح أن سورية لم تتعافَ من جراحها بعد، لكنها خرجت من العناية المشددة بعد الرصاص الذي تلقته، وهي اليوم بحاجة إلى حالة من الاستشفاء الذاتي، وهذا الأمر يحتاج إلى تقوية الجبهة الداخلية في البلاد، فالجيش يفعل فعله العظيم ويسطّر انتصارات حقيقية سيذكرها التاريخ.
إذاً، هو السلوك الوطني الحقيقي، بعيداً عن التنظير والكلام الطيب الإنشائي الذي يحاكي حكمةً قالها الصينيون يوماً:
«إن الناس الذين يفضلون العمل على الكلام يشيرون حتماً إلى أن زمن الاستقرار آتٍ، وعلى العكس تماماً فإن الناس الذين يفضّلون الكلام على العمل يشيرون حتماً إلى أن زمن الاضطراب والأزمات آتٍ، عندما يُفضّل العمل فإن خصال الصدق والإخلاص ستسود، وعندما يُفضّل الكلام فإن خصال الرياء والخداع هي التي ستسود».
m.albairak@gmail.com