العالم يترقب غداً يوماً أميركياً طويلاً «قد لا ينتهي».. باب المفاجآت مفتوح حتى اللحظة الأخيرة.. غزة ولبنان وإيران ‏في قلب المشهد الانتخابي

تشرين – مها سلطان:

لو لم يكن العالم مشتعلاً في أهم مناطقه الحيوية والحساسة والطاغية.. ربما لم يكن للانتخابات ‏الرئاسية الأميركية في ‏دورتها الحالية كل هذا الاستقطاب عالمياً، صحيح أن هذه الانتخابات ‏لطالما كانت مهمة بامتداداتها وتأثيراتها- حتى أنها ‏في إحدى المراحل التاريخية كانت تُوصف ‏بأنها انتخابات رئاسة العالم- إلا أن هذا الحال تغير بصورة كبيرة جداً خلال ‏العقدين الماضيين ‏مع نجاح نصف هذا العالم تباعاً في الخروج من دائرتها، لتنقلب المعادلة باتجاه أن هذا النصف ‏هو ‏من بات يؤثر في الانتخابات الرئاسية الأميركية، وهو ما نراه في الدورة الحالية بصورة ‏جلية جداً، وهذا لا يختص ‏فقط بالدول الصاعدة كقوى عالمية جديدة، وما تبنيه من تحالفات ‏دولية، وإنما ينسحب حتى على دول لا تزال توصف ‏بالضعيفة أو الهامشية، والتي برزت ‏كدول تتمرد وتسعى في طريق أن تكون مستقلة بقراراتها ومقدراتها الاقتصادية، ‏وهي ترى ‏أمامها فرصاً سانحة وتريد استغلالها على أكمل وجه.‏
من الشرق الأوسط إلى أوكرانيا/ روسيا، إلى تايوان/ الصين، حتى المحيط الهادئ، خط نار ‏مشتعل أعاد الانتخابات ‏الرئاسية الأميركية إلى الواجهة العالمية مجدداً، في كل نقطة من هذا ‏الخط تعمل اليد الأميركية تأجيجاً وتوتيراً، ‏صحيح إن التأجيج والتوتير في المرحلة الحالية هو ‏سيف ذو حدين بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية مع تضاعف قوة ‏التكتل المضاد واتساعه ‏جيو اقتصادياً، إلا أن المعركة العالمية مفتوحة، ومن السابق لأوانه تحديد الخاسر فيها، وما ‌‏زالت اليد الأميركية طويلة وفاعلة.‏

الشرق الأوسط هو الميدان المتقدم على الساحة الانتخابية الأميركية فهو الأكثر تأثيراً ‏وأميركا أكثر تركيزاً عليه مع ‏انتقال المعركة المفتوحة مع الخصوم الاستراتيجيين إليه ‏

الميدان المتقدم ‏
عملياً، يتقدم الشرق الأوسط على الساحة الانتخابية الأميركية، فهو الأكثر تأثيراً، وأميركا أكثر ‏تركيزاً عليه، خصوصاً ‏مع وصول المعركة المفتوحة مع الخصوم الاستراتيجيين إلى هذه ‏المنطقة المحسوبة لأميركا منذ قرن من الزمان، ولا ‏يختلف اثنان على مسألة أنه في الحرب ‏الطاحنة الدائرة منذ عام وشهر تقريباً من غزة إلى لبنان، بامتداداتها الإقليمية، ‏لا يختلف اثنان ‏على أن أميركا هي الأكثر حضوراً وتأثيراً، مقابل الأمر نفسه بالنسبة لها ولانتخاباتها الرئاسية ‏الحالية، ‏وهو تأثير سلبي في الاتجاهين، فبقدر ما لأميركا حضور مدمر في هذه الحرب على ‏مستوى الدعم المطلق للكيان ‏الإسرائيلي وإطلاق يده قتلاً وتدميراً، بقدر ما كان لهذه الحرب ‏حضور، لن نقول سلبياً، فهذا تعبير في غير محله وإن ‏كنا استخدمناه مجازاً، بل نقول حضوراً ‏مؤثراً بصورة شكلت فارقاً تاريخياً على السباق الرئاسي، لناحية مستويات ‏التأييد واتجاهات ‏التصويت، ولناحية الضبابية في توقع من سيفوز فيها. ورغم إنه لم يتبق سوى ساعات على ‏يوم ‏التصويت الرئيسي المقرر صباح غدٍ الثلاثاء إلا أن أحداً لم يستطع تقديم توقع جازم، علماً ‏أن هناك تصويتاً مبكراً بدأ ‏منذ أيام (80 مليون أميركي أدلى بصوته) ومع ذلك فمن المتوقع ‏أن يستمر هذا الحال حتى اللحظة الأخيرة ما قبل ‏إعلان النتائج، هذا من جهة… ومن جهة ‏ثانية مازال هناك فريق واسع يتحدث عما يسميه مفاجآت الساعات الأخيرة.. ‏أما ما بعد إعلان ‏النتائج فكل السيناريوهات مفتوحة.‏

بقدر ما لأميركا حضور مدمر في ميدان المنطقة بقدر ما لهذا الميدان نفسه حضور تاريخي ‏فارق على انتخاباتها ‏لناحية مستويات التأييد واتجاهات التصويت وصعوبة توقع الفائز فيها

بكل الأحوال، لا يمكن لمشهد الانتخابات، وليوم التصويت غداً، إلا أن يكون ملازماً له مشهد ‏الحرب في المنطقة، ‏حيث ولأول مرة تاريخياً، سيتعادل تقريباً مستوى التأثير ما بين اللوبي ‏الصهيوني، وكل من غزة ولبنان، وخصوصاً ‏أن الحرب انتقلت إلى مستوى جديد مع انتقال ‏الدور الأميركي فيها إلى مستوى جديد بعد تزويد الكيان الإسرائيلي ‏بمنظومة «ثاد» الدفاعية ‏الصاروخية وتوجه قاذفات استراتيجية أميركية إلى المنطقة… ومع توقع رد إيراني «الوعد ‌‏الصادق 3» على الكيان بين يوم وآخر، وقد طغى على المشهد يوم إعلان إيران إقفال المجال ‏الجوي بدءاً من اليوم ‏الاثنين حتى بعد غدٍ الأربعاء، أي تزامناً مع الانتخابات الأميركية، ومن دون ‏تقديم تفسيرات وتوضيحات، وبما دفع ‏التوقعات باتجاه أن الرد قد يكون في هذه الأيام الثلاثة.‏

لا يمكن لمشهد الحرب في المنطقة إلا أن يكون ملازماً لمشهد الانتخابات الأميركية غداً ‏حيث ولأول مرة تاريخياً ‏سيتعادل تقريباً مستوى التأثير ما بين اللوبي الصهيوني وغزة ولبنان

وعملياً.. فإن ميدان المنطقة يتجه نحو تطورات دراماتيكية جديدة، أي إن الرئيس الأميركي ‏الجديد سيكون أمام مرحلة ‏جديدة لا تقل خطورة عن سابقاتها، وربما أخطر، وهذا ينسحب على ‏أطراف المنطقة أيضاً.‏

الرد الإيراني
وفي أول تعليق على وصول قاذفات «بي- 52» الاستراتيجية إلى المنطقة، جددت إيران حقها ‏في الدفاع عن النفس، ‏مؤكدة أن هذا الحق لن يتأثر بوصول تلك القاذفات. وقال المتحدث باسم ‏الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي: إن إعلان ‏واشنطن نشر قاذفات القنابل «بي -52» في ‏الشرق الأوسط لن يكون له تأثير على قرار طهران في الدفاع عن النفس.‏
وأكد بقائي، في مؤتمر الوزارة الصحفي الأسبوعي، اليوم الاثنين، جاهزية بلاده بكل ما يلزم ‏للدفاع عن نفسها، مشدداً ‏على حتمية تنفيذ عملية «الوعد الصادق3» قائلاً: سنستخدم كل ‏مواردنا المادية والمعنوية للرد على «إسرائيل».‏
وبانتظار الرد الإيراني، يبدو أن الكيان الإسرائيلي سيُضيف بشكل عملي جبهة ثانية متعلقة ‏بالحدود مع الأردن، حيث ‏يرى مسؤولو الكيان العسكريون أن الحدود مع الأردن مكشوفة، ‏وأنه «رغم التعاون الاستثنائي مع الجيش الأردني إلا ‏أن عملية التسلل المقبلة مسألة وقت» ‏وفق تعبير موقع «واللا» الإسرائيلي اليوم. في إشارة إلى عمليتين سابقتين خلال ‏الشهرين ‏الماضيين، من جانب الأردن، لمواطنين أردنيين، فتحتا ثغرة كبيرة في مستوى الاطمئنان ‏الإسرائيلي لهدوء ‏هذه الحدود، فضلاً عن الشارع الأردني الذي يغلي غضباً على ما يحدث في ‏غزة ولبنان من قتل وتدمير على يد الكيان. ‏والحديث هنا ليس أن تتحول هذه الحدود إلى جبهة ‏مشابهة لغزة أو لبنان، وإنما قد يلجأ الكيان إلى عسكرة الحدود ‏بالكامل والسيطرة عليها في ‏سيناريو مماثل لمحور صلاح الدين (فيلادلفي/مصر). ‏

ميدان لبنان ‏
وتبقى العين على لبنان، حيث تستمر الوحشية الإسرائيلية بأعلى صورها إجراماً، ولكن من ‏دون تأثير علمي على ‏عمليات المقاومة التي تشهد باستمرار تكثيفاً وتوسيعاً، وبمستوى نوعي، ‏وتوثيقاً بالصوت والصورة.. إلى جانب ‏استعراض الإمكانيات والقدرات، وتوجيه الرسائل ‏الحاسمة كما في الفيديو الذي نشرته المقاومة/حزب الله، أمس الأحد، ‏لمنشأة «عماد5» لإطلاق ‏الصواريخ، بعد أن كان نشر قبل أشهر فيديو لمنشأة «عماد4».‏

العين تبقى على لبنان حيث تبدو المقاومة في طور الانتقال إلى مستوى جديد من المواجهة ‏عنوانها القصف الثقيل ‏والنوعي وزيادة المديات وتوسيع بنك الأهداف

وهذا يعني أن المقاومة تستعد لمرحلة جديدة من المعركة، عنوانها القصف الثقيل والنوعي، ‏وزيادة المديات، وتوسيع ‏بنك الأهداف.. والأهم أنها قادرة دائماً على تجاوز الأصعب، ‏واستعادة زمام المبادرة في الميدان. وفي قراءة المحللين ‏فإن فيديو «عماد 5» يشير إلى أن ‏حزب الله بصدد معادلة صاروخية جديدة ضد الغارات الإسرائيلية التي تستهدف ‏المدن ‏والبلدات اللبنانية، وهو يرد بشكل حاسم على رهانات العدو بإمكانية زوال الحزب أو ضعفه، ‏أو الاستثمار ضده ‏في الداخل اللبناني وعلى مستوى الإقليم.‏
وكان حزب الله أعلن اليوم الاثنين أنه قصف قاعدة ميرون وعدداً من المستوطنات في الشمال ‏برشقة صاروخية, وقال ‏في بيانات متتالية: إن قواته استهدفت أيضاً مستوطنات: إييليت ‏هشاحر، شاعل، حتسور، دلتون.‏
يأتي ذلك بعد يوم من إعلان الحزب أنه نفذ 28 عملية تصدٍ لمحاولات تقدّم القوات ‏الإسرائيلية وضد مواقع وقواعد ‏انتشاره ومستوطنات في شمال فلسطين المحتلة.‏
وكان متزعم حكومة الكيان، بنيامين نتنياهو اضطر إلى إلغاء زيارته إلى بلدة المطلة الحدودية ‏وهو في طريقه لها، ‏وذلك بعد انفجار طائرة مسيرة. وقالت وسائل إعلام إسرائيلية: إن الطائرة ‏انفجرت في المطلة قبل نحو 20 دقيقة من ‏وصول نتنياهو، مشيرة إلى أنه توعد بتوجيه ‏ضربات قوية لحزب الله خلال زيارة لـ«الحدود» الشمالية مع لبنان.‏
وتعليقاً على ذلك، نفى مكتب نتنياهو أن يكون هو من ألغى الزيارة وإنما السلطات العسكرية ‏هي من منعته، مشيرة إلى ‏أن نتنياهو طلب مراراً وتكراراً زيارة في «عمق الميدان».. لكن ‏النتيجة أن هذا النفي لا يعني شيئاً، فأياً يكن الطرف ‏الذي ألغى الزيارة فهذا، قولاً واحداً، مرده ‏إلى أن المقاومة هي من يتحكم بميدان الشمال، براً وجواً.‏

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار