أميركا تلقي ستاراً ملغوماً على سياق تفاوضي جديد يستهدف لبنان.. ما علاقة الانتخابات الأميركية؟
تشرين- هبا علي أحمد:
يبقى الوضع في المنطقة من حيث التصعيد أو التهدئة على حاله، أي بمعنى رهن الانتخابات الأميركية وإفرازاتها، يُضاف إليه الرد الإيراني على الرد الإسرائيلي، بالتزامن مع حديث متواتر عن سياق تفاوضي نتيجته الحتمية هي الفشل مع استمرار التعنت والرفض الإسرائيلي سواء في لبنان أو غزة لأي هدنة أو مسار، وإذا كان الفشل بدهياً في هذه المرحلة واعتدنا عليه، إلّا أن الأخطر من الفشل ما يُساق تحت الستار التفاوضي ولا سيما لناحية لبنان الذي قيل إن المبعوث الأميركي عاموس هوكشتاين سيعود إليه مجدداً حاملاً كما الزيارة السابقة شروط الاستسلام وفرض التفاوض تحت النار، إلّا أن الأخطر أيضاً في تلك الشروط هو ليس الاستسلام بقدر ما هو محاولة أميركية- إسرائيلية التفافية لتهيئة الأرضة المناسبة للكيان الإسرائيلي لاحتلال لبنان هذه من جهة.. ومن جهة ثانية لتغير موازين القوى بعدما تعثر ذلك في العملية العسكرية البرّية التي تتم في الجنوب منذ ما يُقارب الشهر، إضافة إلى مراكمة نقاط القوة لدى المقاومة اللبنانية/حزب الله، بمعنى ما عجز عنه بالميدان يعمد إلى تعويضه والالتفاف عليه بالسياسة، ولا سيما بعد ما بدا إلى حد الآن أن الميدان هو من يرسم ويضع الشروط.
لكن ما هي الفرص المتاحة لتحقيق كيان الاحتلال لمراميه؟.. هذا ما ستكشفه الأيام المقبلة، إذ لا يُمكن الجزم بأي سيناريو تبعاً للتطورات اللحظية.
التفافات مُعتادة
في المعطيات، أشارت مصادر إخبارية إلى أن «إسرائيل» تسعى للتوصل إلى صفقة شاملة في لبنان تقوم على إلغاء توسيع العملية البرية، مقابل دعم الولايات المتحدة حظراً بحرياً وبرياً وجوياً على لبنان يمنع إعادة التأهيل العسكري لحزب الله وتسليحه، وأن صفقة لبنان تهدف إلى وقف إطلاق النار لمدة 60 يوماً، تتم من خلالها مناقشة تفاصيل الاتفاق كاملاً، في حين نفت مصادر داخل الاحتلال إجراء مشاورات مع واشنطن لمنع توسيع القتال في لبنان لـ 60 يوماً، وهذا النفي يؤكد أن وقف إطلاق النار مازال محظوراً أميركياً وإسرائيلياً مع ترحيله إلى ما بعد الانتخابات الأميركية في الخامس من تشرين الثاني المقبل.
الأخطر حالياً هو ما يُساق تحت الستار التفاوضي ولا سيما لناحية لبنان الذي يُقال إن هوكشتاين سيعود إليه مجدداً حاملاً شروط الاستسلام كما في الزيارة السابقة
.. وإذا وضعنا النفي جانباً، فما سبق ذكره هو التفاف على القرار 1701 والبحث عن قرارات جديدة تفرضها المرحلة و«الشروط» الإسرائيلية- الأميركية التي تعمل على تغيير موازين القوى وصولاً إلى فرض واقع احتلالي في لبنان وعندها – وفيما بعد يتم التفاوض بناء على هذا الواقع وما ستصل إليه الحال وبناء على رغبة واشنطن و«تل أبيب»، بالمحصلة – فإن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ليس مُستعداً للتفاوض على وقف إطلاق النار سواء في غزة أو لبنان في هذه المرحلة، وهذه هي الحقيقة التي يجب التذكير بها والإضاءة عليها لفهم مجمل المشهد الراهن والقادم إلى ما بعد منْ سيحكم أميركا.
وفي وقت سابق أمس، كشفت شبكة «سي إن إن» أنّ محادثات وقف إطلاق النار لا يُتوقع أن تشهد تقدماً كبيراً حتى يتم الإعلان عن الفائز في الانتخابات الرئاسية الأميركية، وأنّ الجولة الأخيرة من المحادثات التي بدأت في العاصمة القطرية الدوحة أمس الأول لم تركز على التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين ووقف إطلاق النار، بل على دفع العملية إلى الأمام، لافتة إلى أنّ المحادثات تطرّقت إلى الحرب ضد لبنان، فضلاً عن إيران وتأثيرها الإقليمي، مع توقع عقد جولة أخرى من المحادثات خلال الأيام القليلة القادمة.
يوميات جبهات المقاومة
على العموم فإن الكلمة تبقى للميدان المقاوم على اتساع جبهاته وكل من حسب موقعه ودوره، سواء سياسياً وعسكرياً ودبلوماسياً، مع ما ينطوي ذلك على رسائل للإقليم والخارج.
ويستمر حزب الله في عملياته ضد مستوطنات الاحتلال شمال فلسطين المحتلة، بالتوازي مع تصديه لقوات الاحتلال عند الحافة الأمامية جنوب لبنان، محققاً إصابات مباشرة، بالتزامن مع تعيين الشيخ نعيم قاسم أميناً عاماً لحزب الله.
وأعلنت قيادة حزب الله، اليوم الثلاثاء، توافق مجلس الشورى على انتخاب الشيخ قاسم أميناً عامّاً للحزب، موضحة أنّ ذلك يأتي «انطلاقاً من التمسك بمبادئ حزب الله وأهدافه، وعملاً بالآلية المعتمدة لانتخاب الأمين العام»، داعيةً إلى تسديده في هذه المهمة في قيادة حزب الله ومقاومته.
وفي الميدان اليمني، نفذت القوات المسلحة اليمنية عملية عسكرية نوعية استهدفت المنطقة الصناعية للاحتلال الإسرائيلي في منطقة عسقلان جنوب فلسطين المحتلة، بعددٍ من الطائرات المُسيّرة، ونجحت في الوصول إلى أهدافها، وذلك رداً على جرائم العدو الإسرائيلي في قطاع غزّة ولبنان، مع التأكيد أنّ العمليات العسكرية اليمنية لن تتوقف إلا بوقف العدوان، ورفع الحصار عن قطاع غزّة، ووقف العدوان على لبنان.
محاولة أميركية- إسرائيلية التفافية لتهيئة الأرضة المناسبة لاحتلال لبنان وتغير موازين القوى بعدما تعثر ذلك بالعملية العسكرية البرّية
اللافت على جبهة إيران- إن أمكن تسميتها كذلك- ولا سيما بعد تصاعد المواجهة واتساعها ولكونها مفتوحة على كل الاحتمالات بين طهران و« تل أبيب».. اللافت ما أتى على لسان المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية فاطمة مهاجراني بأن الجمهورية الإسلامية قررت رفع ميزانية القطاع العسكري للعام المقبل بنسبة 200%.
وعن العدوان الإسرائيلي على إيران، أكدت أنّه كان انتهاكاً لسيادة بلادها، وأنّ إيران ستستخدم حقها في الرد بأفضل طريقة، مشيرة إلى أنّ «المجلس الأعلى للأمن القومي سيحدد زمن وكيفية الرد الإيراني على العدوان الإسرائيلي».
انتهاك للقانون الدولي
إلى ذلك، استشهد 77 فلسطينياً وأصيب وفقد العشرات اليوم من جراء مجزرة جديدة ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي في بيت لاهيا شمال قطاع غزة بعد قصفه عمارة سكنية من 5 طبقات.
إسرائيل» تسعى إلى صفقة شاملة في لبنان تلغي توسيع العملية البرية مقابل دعم أميركا حظراً بحرياً وبرياً وجوياً على لبنان
ووفق وسائل إعلام محلية، فإنّ المبنى المستهدف يضم أكثر من 100 نازح من مناطق مخيم جباليا وتل الزعتر، فيما تتواصل المناشدات من جانب الأهالي لانتشال عالقين ومفقودين من تحت الأنقاض.
وقال مدير مستشفى كمال عدوان: إنّ معظم المصابين في مجزرة مشروع بيت لاهيا قد يستشهدون بسبب نقص الإمكانيات، وذلك وسط قصف إسرائيلي يتعرض له محيط المستشفى شمال القطاع، بالتزامن أحرقت قوات الاحتلال مدرسة الفاخورة التابعة لـ«أونروا» في مخيم جباليا، شمال قطاع غزة.
حظر عمل «أونروا» انتهاك خطير للقانون الدولي ومحاولة لتصفية قضية اللاجئين وحق العودة
في هذه الأثناء، تتواصل الإدانات لقرار كيان الاحتلال الإسرائيلي حظر أنشطة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين «أونروا»، إذ حمّلت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الأمم المتحدة مسؤولية مواجهة قرار الاحتلال بحظر «أونروا»، داعية إلى طرد الاحتلال من عضوية الأمم المتحدة وهيئاتها المختلفة ومحاصرته وعزله ومعاقبته، في حين أكدت منظمة التعاون الإسلامي أن حظر الاحتلال عمل الوكالة محاولة لتصفية قضية اللاجئين وحق العودة.
وكان «الكنيست الإسرائيلي» قد أقرّ أمس بالأغلبية قراراً يمنع أنشطة «أونروا» في المناطق الخاضعة لسيطرة الاحتلال، بحيث صدّق على القرار 92 عضواً، في مقابل اعتراض 10 أعضاء.
وقوبل هذا القرار بإدانات فلسطينية وعربية ودولية، ووصفه المفوّض العام للوكالة، فيليب لازاريني، بـالشائن والسابقة الخطرة، مؤكداً أنّه يعارض ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي.