ما خفي وما ظهر من «الرد» الإسرائيلي.. هوكشتاين يعود على مسار تفاوضي مختلف فأي جديد؟
تشرين- هبا علي أحمد:
أما وقد ردّ كيان الاحتلال على الرد الإيراني وبهذه الصورة الباهتة بعد حملة من التهويل والتصعيد، فإن باباً جديداً فُتح على مرحلة جديدة في سياق الحرب غير المعلنة في المنطقة، باستثناء أنها مُعلنة من خلال العدوان الإسرائيلي على غزة وصولاً إلى لبنان، وعلى ما يبدو بناء على المعطيات الراهنة بل اللحظية فيما بعد الرد الإسرائيلي المذكور فإن ذلك الباب عنوانه التهدئة التي ستلي الانتخابات الأميركية في الخامس من تشرين الثاني المقبل، أي على بُعد ثمانية أيام فقط، وإلى ذلك الحين سنشهد نوعاً من التصعيد لكن ربما هذه المرة سيكون من النوع المضبوط على خلاف ما سبق، وربما من النوع الذي اعتدنا عليه على مدار الحرب من تصعيد في الغارات إلى جانب اغتيالات أخرى (مع الإشارة إلى أن المعطيات يمكن أن تتبدل في أي لحظة).
الرد الإسرائيلي على هذه الشاكلة لم يأتِ نتيجة الضغوط الأميركية ولا بد من وجود قطبة مخفية ستكشفها الأيام المقبلة
العديد من التساؤلات تُطرح حول الرد، ولماذا جاء على هذه الشاكلة، وهل نجحت الضغوط الأميركية، أم التخلي الإقليمي ليكون شريكاً بأجوائه في الاعتداء على إيران ولا سيما بعد الجولة الدبلوماسية الأخيرة التي قام بها وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي على عدد من دول الإقليم؟
.. من مراقبة السلوك الأميركي والتعاطي الإسرائيلي معه «تعنتاً ورفضاً» لأي ضغوط كما كان ظاهراً، يمكن الإدراك أن الرد الإسرائيلي على هذه الشاكلة لم يأتِ نتيجة الضغوط الأميركية ولا بد من وجود قطبة مخفية ستكشفها الأيام المقبلة، وربما عن دور دول من خارج السرب الأميركي تُحذر من التصعيد والوصول إلى حافة الهاوية في الشرق الأوسط، لذلك تَعْمد هذه الدول قدر الإمكان إلى السير في طريق التهدئة، وفي المحصلة أي دولة أيّاً كانت لها حساباتها السياسية وأسبابها وحساباتها الاقتصادية وأسباب، والأكثر من ذلك، في سياق الحديث عن تهدئة فإن جميع الأطراف وفي مقدمتها الأميركي والإسرائيلي اليوم وأكثر من أي وقت مضى بحاجة إلى التهدئة، وربما يُمكن القول إن المنطقة في طريقها إلى تنفس الصعداء، مع التأكيد مُجدداً أن المعطيات يُمكن أن تتبدل.
في سياق الحديث عن تهدئة فإن الجميع بمن فيهم الأميركي والإسرائيلي اليوم وأكثر من أي وقت مضى بحاجة إلى التهدئة وربما المنطقة في طريقها إلى تنفس الصعداء
الأساس والمقدمات
الأساس والمقدمات التي قادت إلى ما سبق ذكره والإشارة إليه، هو الميدان ولا شيء سوى الميدان ولا سيما في جنوب لبنان وعمليات المقاومة النوعية والمركّبة والمُفاجأة التي أربكت حسابات الاحتلال، يُضاف إليه فشل العملية العسكرية البرّية في الجنوب التي لم تبدأ أساساً، بل على العكس يدور الحديث اليوم داخل الكيان عن أنها ستنتهي قريباً، ناهيك بأنها محدودة كما روجوا لها منذ بدايتها وعادوا اليوم ليؤكدوا على ذلك، وهذا دليل على انتصار المقاومة اللبنانية بعدتها وعديدها، وعلى اعتبار أن كيان الاحتلال لن يستطيع الانتقال إلى مرحلة الاحتلال وقضم أراض لبنانية والدخول إليها كما كان في حرب تموز 2006 إلى جانب نزع سلاح حزب الله.
أمام هذا الواقع يأتي الحديث اليوم عن إعادة مسار التفاوض ووقف إطلاق النار، وهذا لا يعني أن يُنجز بين ليلة وضحاها، لكن قد لا نشهد العراقيل كما السابق، بدليل عودة المبعوث الأميركي عاموس هوكشتاين إلى المنطقة، ولم يمضِ على مُغادرته لها بضعة أيام وفشل المفاوضات التي خاضها مع الجانب اللبناني حول القرار1701، بالتوازي مع توجه رئيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلي «الموساد» دافيد برنياع إلى العاصمة القطرية الدوحة اليوم للقاء مدير الاستخبارات المركزية الأميركية، وليام بيرنز، ورئيس الوزراء القطري، محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني.
قبل «الرد» غادر هوكشتاين من دون أفق لمسار تفاوضي وعلى صورة مُفاجئة يعود اليوم.. وظهر فجأة الحديث عن التفاوض حول جبهتي غزة ولبنان معاً
قبل الاعتداء الإسرائيلي على إيران غادر هوكشتاين من دون أي أفق لحلول أو لمسار تفاوضي، وعلى صورة مُفاجئة يعود اليوم في جولة تفاوض مكوكية على ما يبدو، وظهر فجأة الحديث عن التفاوض حول جبهتي غزة ولبنان معاً خلافاً لما كان سابقاً من حيث فصلهما وتجزئة الحلول، والواضح أن الإسرائيلي والأميركي بدأا يُدركان الحاجة المُلحة للنزول عن الشجرة ، ولاسيما أن ميدان الجنوب وعلى مدار الساعة يفرض واقعاً مُختلفاً وآخره إطلاق مرحلة تهجير كل مستوطني الشمال، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن الإدارة الديمقراطية الأميركية تريد إنجازاً ملموساً في أيامها الأخرى تقدمه في ميزان مرشحتها كامالا هاريس ضد الجمهوري دونالد ترامب، وتبقى الساعات المقبلة حُبلى بالمزيد من التطورات التي يفرضها مسار الزيارة الجديدة لهوكشتاين واجتماع الدوحة.
عمليات المقاومة
في هذه الأثناء تتصاعد عمليات المقاومة في الداخل الفلسطيني ولبنان، حيث تحدثت وسائل إعلام العدو عن إصابة أكثر من 50 جندياً إسرائيلياً، من بينهم 10 في حالة الخطر، بعملية دهس قرب قاعدة غليلوت العسكرية في ضواحي«تل أبيب»،
وذكرت الوسائل أنّ منفذ عملية الدهس هو رامي ناطور من مدينة قلنسوة، مشيرةً إلى أنّه خرج من الشاحنة بعد تنفيذ العملية وبحوزته سكين وحاول تنفيذ عملية طعن.
وذكرت وسائل إعلام محلية فلسطينية أن 15 جندياً حُوصروا تحت الشاحنة التي اصطدمت بمحطة الحافلات، في حين استشهد المنفذ.
أما على جبهة جنوب لبنان، فقد شنّت المقاومة اللبنانية هجوماً جوياً بسرب من المسيّرات الانقضاضية على شركة «يوديفات» للصناعات العسكرية جنوب شرق عكا، وشدّد حزب الله، في بيان، على أنّ هذه العملية تأتي دعماً للشعب الفلسطيني الصامد في قطاع غزة، وإسناداً لمقاومته الباسلة والشريفة، ودفاعاً عن لبنان وشعبه. وفي السياق، أكّدت وسائل إعلام العدو انفجار طائرة من دون طيار داخل مبنى في المنطقة الصناعية «بارليف» بين عكا والكرمئيل، حيث سقطت 4 إصابات في المكان، لافتة إلى أن التقديرات تشير إلى أنّ المصنع المستهدف كان معروفًا لحزب الله وتمّ استهدافه بشكلٍ مقصودٍ، حيث نجحت الطائرة التي أطلقت من الأراضي اللبنانيّة في تجاوز الدفاعات الجوية الإسرائيليّة، في حين أفادت إذاعة جيش الاحتلال بأنّ حزب الله ضرب بدقة مصنعاً لتجميع مكوّنات الطيران في المنطقة الصناعية بارليف غرب عكا.