أميركا لا تجري مفاضلة بين الكيان ومصالحها في المنطقة.. إدارة بايدن ومهمة «تشكيل وتقييد» الرد الإسرائيلي على إيران.. جنود العدو في مصيدة الجنوب بين قتيل وجريح

تشرين – مها سلطان:
تُغرقنا واشنطن بسيل من تصريحات «الثقة المفقودة» بحكومة الكيان الإسرائيلي ومتزعمها ‏بنيامين نتنياهو، ويُغرقنا الإعلام الأميركي- بدوره – بسيل مماثل من التقارير والمقالات حول ‏انتهاء «صلاحية» واشنطن وأنها باتت عملياً بلا نفوذ على الكيان، وأنها تخشى من مخططاته ‏المبيتة لجرها إلى حرب إقليمية، وأنها «أي واشنطن» حمامة سلام، ليس بيدها حيلة، ‏بمواجهة صقور الحرب في الكيان الإسرائيلي، وأنها وأنها وأنها… إلخ.‏
ولكن هل المسألة فعلاً في كل ما سبق؟ وهل يهم كثيراً مسألة الثقة والنفوذ والمخاوف الأميركية ‏في ميدان تستشرس فيه الوحشية الإسرائيلية بكل صورها؟ ما فائدة أن تختلف واشنطن مع ‏الكيان في الأقوال وتتفق معه في الأفعال؟ هل إن المشكلة الأساسية بينهما هي فقط بأن ‏الكيان لا يبلغ واشنطن مسبقاً بعملياته أو يطلب الإذن منها؟ وهل حقاً إن الكيان بات في موقع ‏التهديد الحقيقي للمصالح الأميركية في المنطقة؟

ما وراء روايات الخلاف والاختلاف.. إدارة بايدن والأولية لـ«إسرائيل» على حساب المصالح الأميركية.. جنود العدو في مصيدة الجنوب بين قتيل وجريح

أسئلة كثيرة تطرح نفسها، لكن الثابت أنه لا يمكن أن يكون هناك خلاف أو اختلاف يقود إلى ‏أزمة كبيرة بين الولايات المتحدة الأميركية والكيان الإسرائيلي، والاختلاف ليس على الأهداف ‏بل على كيفية تحقيقها، هذا إذا افترضنا وجود خلاف واختلاف، وليس اتفاقاً بينهما على إظهار ‏الخلاف والاختلاف، فإذا ما خسر الكيان كل أوراقه تتقدم واشنطن لإنقاذه متخذة من نتنياهو ‏جسراً لذلك بزعم أنها كانت تختلف معه وتعارضه، مقترحة «ما بعد نتنياهو» لترتيب ‏الأوراق وتحقيق التسويات.‏
كذلك يندرج إظهار الخلاف والاختلاف كمناورة متفق عليها، لتحقيق هدف الإشغال، بين ‏ميدان تطلق فيه واشنطن يد الكيان، قتلاً وتدميراً، وبين مسار سياسي تسعى من خلاله إلى التعمية ‏على ذلك الميدان حتى يتحقق للكيان ما يريد.. وهكذا يمكننا وضع ما سبق في سياقات كثيرة ‏ومختلفة ولكن لا يمكن وضعه أبداً في سياق أزمة أو احتمال نشوب أزمة بين أميركا والكيان ‏ولو بنسبة ربع واحد بالمئة.‏

نتنياهو/ بايدن
طوال أشهر انشغل الإعلام بما قال عنه أزمة بين نتنياهو ووزير حربه يوآف غالانت، وكيف ‏أن واشنطن تدعم غالانت وتخطط ليحل محل نتنياهو، ومنذ يومين كان هناك ولا يزال ‏الانشغال نفسه، بعدما منع نتنياهو سفر غالانت إلى واشنطن لـ«مناقشة الرد الإسرائيلي على ‏إيران»، مشترطاً أن يتلقى مكالمة هاتفية من الرئيس الأميركي جو بايدن، وأن توافق الحكومة ‌‏«الأمنية» الإسرائيلية على الرد على إيران.‏

ما فائدة أن تختلف واشنطن مع الكيان في الأقوال وتتفق معه في الأفعال.. هل إن المشكلة ‏الأساسية فقط بأن الكيان لا يبلغ واشنطن مسبقاً بعملياته أو يطلب الإذن منها؟

وكان يُفترض أن يتوجه غالانت اليوم الأربعاء إلى واشنطن في زيارة تركز على هذه المسألة، ‏لكن تلك المكالمة لم تجرِ، كما لم تتم الموافقة على الرد، وبناءً عليه أبلغ الكيان واشنطن بتأجيل ‏زيارة غالانت، وحسب ما نقل موقع «أكسيوس» فإن مكتب نتنياهو قال: لا جدوى من رحلة ‏غالانت إلى واشنطن من دون قرار رسمي وواضح بشأن طبيعة الرد ضد إيران.‏
وأضاف مكتب نتنياهو إنه بمجرد اتخاذ القرار، فإن الشخص الذي «يحتاج إلى مناقشته أولاً ‏مع الولايات المتحدة هو نتنياهو، ويجب أن يفعل ذلك مع الرئيس بايدن».‏
وكان بايدن قد صرح عدة مرات بأنه سيتحدث مع نتنياهو، لكن ذلك لم يحدث، بينما أشار موقع ‌‏«أكسيوس»، نقلاً عما سماه مصدراً مطلعاً، إلى أن هناك جهوداً جارية لتحديد موعد مكالمة ‏هاتفية بين بايدن ونتنياهو، ومن المتوقع أن تتم خلال الساعات المقبلة.‏
ويوم أمس، نشر «أكسيوس»، نقلاً عن أربعة مسؤولين أميركيين، أن إدارة بايدن أصبحت في ‏الأسابيع الأخيرة «غير واثقة بشكل متزايد» بما تقوله الحكومة الإسرائيلية عن خططها ‏العسكرية والدبلوماسية في الحرب المتعددة الجبهات التي تخوضها.‏

بين واشنطن والكيان اتفاق على إظهار الخلاف والاختلاف فإذا ما خسر الكيان أوراقه تتقدم ‏واشنطن لإنقاذه مقترحة «ما بعد نتنياهو» لترتيب الأوراق وتحقيق التسويات

وقال مسؤولون أميركيون: إن إدارة بايدن لا تعارض رد «إسرائيل» على الهجوم الإيراني ‏الأسبوع الماضي، لكنها تريد أن يكون مدروساً، وأضافوا: «ثقتنا بالإسرائيليين منخفضة ‏للغاية الآن ولسبب وجيه».‏

‏«الرد المدروس»‏
ولا نحتاج هنا إلى كثير عناء لإدراك أن «الرد المدروس» الذي تطالب به واشنطن هو ذلك الرد ‏الذي لا يهدد أو لا يوسع من التهديدات القائمة ضد مصالحها في المنطقة.‏. وهو ما أكده جيك سوليفان مستشار الأمن القومي الأميركي خلال لقائه يوم الجمعة الماضي ‏مع ما يسمى وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلية، رون ديرمر، حيث قال سوليفان: إن ‏واشنطن تتوقع الوضوح والشفافية من «إسرائيل» بخصوص الرد على إيران بسبب ما ‏سيترتب على الرد من آثار على القوات والمصالح الأميركية في المنطقة.‏
وحسب سوليفان فإن الولايات المتحدة إذا لم تعرف ما تخطط له «إسرائيل» فلن تكون جاهزة ‏تلقائياً للمساعدة في هزيمة هجوم صاروخي آخر ضدها. ‏

‏ «الرد الإسرائيلي المدروس» الذي تريده واشنطن هو ذلك الرد الذي لا يهدد أو لا يوسع من ‏التهديدات القائمة ضد مصالحها في المنطقة

وكانت وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» قد جددت اليوم دعمها للعدوان الإسرائيلي على لبنان ‏لما سمته حق «إسرائيل» في الرد على إيران، زاعمة أنها تنصح الكيان الإسرائيلي بالتقليل ‏من الخسائر بين المدنيين، وقال متحدث باسم البنتاغون: لـ«إسرائيل» الحق في الرد على ‏إيران، لكن الولايات المتحدة لا تريد صراعاً إقليمياً ولا حرباً مع إيران، وأضاف: لدينا خط ‏اتصال مباشر مع «إسرائيل» بشأن الوضع في الشرق الأوسط، مؤكداً أن «البنتاغون» تدعم ‏استهداف إسرائيل لحزب الله بطريقة تقلل من الخسائر بين المدنيين.‏
وحسب شبكة «سي إن إن» فإن مخاوف واشنطن تتزايد بشأن العملية البرية التي تقول ‌‏«إسرائيل» إنها ستكون محدودة في لبنان، وترى أن هذه العملية المحدودة ستنمو قريباً إلى ‏صراع أوسع نطاقاً وأطول أمداً، وتزعم الشبكة الأميركية بأن واشنطن عاجزة بمواجهة تجاهل ‏نتنياهو لدعواتها بـ«ضبط النفس» في لبنان كما فعلت في غزة.‏
وتضيف: إن إدارة بايدن لم تعد تعمل باتجاه وقف إطلاق النار بقدر ما هي حالياً تعمل على ‌‏«تشكيل وتقييد» العمليات الإسرائيلية في لبنان وضد إيران.‏
إن كل ما سبق لا معنى له ما دامت أميركا تستمر في ضخ السلاح والأموال للكيان الإسرائيلي ‏وتدعمه سياسياً ودولياً لاستكمال حربه الإرهابية في غزة ولبنان.‏

‏ تعتيم إعلامي
مقابل ذلك يعمل الكيان الإسرائيلي على فرض تعتيم إعلامي كامل على خسائره بالجنود ‏والعتاد، وعلى فشله في التقدم ميدانياً، لكنه لا ينجح في كل مرة مع وجود الكاميرات التي ‏تغافله وتنقل مشاهد حية لجنوده الذين تعود بهم الطائرات قتلى وجرحى من ميدان ‏الشمال/جنوب لبنان، ليجد نفسه مجبراً على الاعتراف بها.‏
وكان الجيش الإسرائيلي قد اعترف اليوم بإصابة 3 من جنوده بجروح خطرة، وإصابة 50 جندياً ‏أمس في معارك عنيفة في جنوب لبنان، عندما حاول التقدم بآلياته باتجاه منطقة اللبونة ‏الحدودية.‏
وفي بيان للمقاومة اللبنانية/ حزب الله، فإن مقاتلي الحزب تصدوا لقوة إسرائيلية في اللبونة ‏وأوقعوا فيها إصابات مؤكدة وأجبروها على التراجع.‏
وفي بيان لاحق، قال حزب الله إنه استهدف ظهر أمس تجمعاً لِقوات العدو الإسرائيلي في ‏مستعمرة «يعرا» بسرب من المسيّرات الانقضاضية.‏
بالتزامن أعلنت المقاومة العراقية مهاجمة 4 أهداف للعدو الإسرائيلي، منها هدفان في شمال ‏فلسطين المحتلة، وهدفان في الجولان السوري المحتل.‏
وأكدت في بيان «الاستمرار في دكّ معاقل الأعداء بوتيرة متصاعدة» وذلك مواصلةً لنهجها ‏في مقاومة الاحتلال، ونُصرةً لشعبي فلسطين ولبنان، و«ردّاً على المجازر التي يرتكبها الكيان ‏الغاصب بحق المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ».‏

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار