المنطقة على موعد مع تصعيد واسع.. المقاومة اللبنانية توسع رقعة استهدافاتها الجغرافية وتوصل رسائلها.. الشمال تحت وقع اللهب والنار والكيان يرفع «التأهب»
تشرين- هبا علي أحمد:
تتراكم عناصر التفجير الدافعة نحو حرب إقليمية شاملة ومفتوحة، ولاسيما مع تصعيد الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على لبنان منتصف الأسبوع الماضي وصولاً إلى الاعتداء على الضاحية الجنوبية، أمس الأول، وما أسفر عن عدد من الجرحى والشهداء من بينهم مؤسّس قوة «الرضوان» إبراهيم عقيل وهيئة أركانها في حزب الله، وتتسع مستويات المواجهة، لكن من يسحب الصاعق، ومتى؟ هذا غير معروف حتى الآن في ضوء التطورات اللحظية؟ ومن المؤكد أن المنطقة برمتها دخلت مرحلة جديد أكثر قتامة وغموضاً من ذي قبل واحتمالات الحرب باتت أكبر حتى لو لم يكن أحد يريدها كما يُحكى، لكن ما يشهده الميدان له رأي آخر.
اغتيال إبراهيم عقيل ليس حادثة عابرة لكنه خطوة في مسار متوتر قد يؤدي إلى مواجهة أكبر إذا لم يتم احتواء التصعيد
حتى مرحلة الردود، أي الرد والرد عليه ستكون مرحلة مؤقتة بانتظار نضوج المرحلة الأكبر بطريقة مدروسة ومحسوبة الخطوات ولا سيما لدى حزب الله رغم قساوة الاعتداءات الأخيرة وقساوة الخسارة، كما أن قواعد الاشتباك المتعارف عليها لم تعد موجودة بعد الخرق الإسرائيلي المتكرر لها وعلى نحو متصاعد ومتسع، ما يُمثل تطورات خطرة في سياق الصراع القائم، وفي ظل ارتفاع التحديات التي يواجهها جميع الأطراف.
تطور خطر
ومهما كانت قساوة الاعتداءات التي ينفذها كيان الاحتلال الإسرائيلي وألم الخسائر، إلا إن استراتيجية حزب الله لم ولن تتغير، والمتغير هو المعادلات التي يفرضها الحدث، بمعنى أن شكل الرد على أي استهداف يتطور دائماً ويختلف في النوعية والهدف بناءً على تطور عدوانية الكيان ونوعية أهدافه، وبالتالي فإن الحساب مفتوح والمشهد مفتوح على تطورات لافتة ونوعية بحجم نوعية الخسائر.
وفي ظل تزايد المخاوف من نشوب حرب بين لبنان والكيان الإسرائيلي، تتحول إلى صراع إقليمي أوسع يجر دولاً أخرى في المنطقة، كشفت صحيفة «الأنباء» الكويتية، اليوم، نقلاً عن مصادر دبلوماسية، أن اغتيال قائد وحدة «الرضوان» في حزب الله، إبراهيم عقيل، يمثل تطوراً خطراً في سياق الصراع، مشيرة إلى أن هذا الحدث الأمني يأتي في توقيت حساس للغاية بالنسبة إلى المشهدين اللبناني والإقليمي، مضيفة: إذا قرر حزب الله الرد بقوة على اغتيال عقيل، فإن المنطقة قد تكون على موعد مع تصعيد واسع على جبهات متعددة، ومن المتوقع أن تقوم «إسرائيل» برد فعل سريع، ما قد يدفع الأطراف إلى مواجهة شاملة، على غرار حرب تموز 2006. ومع ذلك، فإن أي تصعيد كبير قد يجر المنطقة إلى تدخلات دولية سريعة لاحتواء الموقف، مشيرة إلى أن اغتيال إبراهيم عقيل ليس حادثة عابرة، لكنه خطوة في مسار متوتر قد يؤدي إلى مواجهة أكبر إذا لم يتم احتواء التصعيد.
وتابعت المصادر: تشير التوقعات إلى أن رد الحزب على هذا الاغتيال سيكون مدروساً، ولكن سيكون مؤلماً جداً لـ«إسرائيل» وغالباً ما يعتمد حزب الله على استراتيجية الرد المتدرج والحذر في مواجهة «إسرائيل» لعدم الانزلاق إلى مواجهة شاملة قد تؤدي إلى تصعيد غير محسوب النتائج.
ردّ أولي
وفي ردٍّ أولي على المجزرة الإلكترونية، وبما يؤكد أن اغتيال قادتها لن يهزمها أو يكسر إرادتها، استهدفت المقاومة اللبنانية مجمعات الصناعات العسكرية لشركة «رافاييل» التابعة للاحتلال الإسرائيلي، المتخصصة بالوسائل والتجهيزات الإلكترونية، والواقعة في منطقة ”زوفولون” شمال مدينة حيفا المحتلة، بعشرات الصواريخ من نوع«فادي 1» و«فادي 2» و«الكاتيوشا».
وأكدت المقاومة أنّ هذه العملية تأتي دعماً للشعب الفلسطيني الصامد في قطاع غزة، وإسناداً لمقاومته، وهي ردٌّ أولي على المجزرة الوحشية التي ارتكبها الاحتلال في مختلف المناطق اللبنانية، يومي الثلاثاء والأربعاء، عند استهدافه أجهزة « البيجر» والأجهزة اللاسلكية.
كما استهدفت المقاومة، مرتين، قاعدة ومطار «رامات دافيد» بعشرات من الصواريخ من «فادي 1» و«فادي 2» رداً على الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة التي استهدفت مختلف المناطق اللبنانية، والتي أدت إلى ارتقاء شهداء.
وأكدت مصادر ميدانية أنّ هذه الصواريخ تُستخدم للمرة الأولى منذ بدء المواجهات في الـ8 من تشرين الأول 2023، مشيرةً إلى أنّ جبهة الإسناد التي يريد رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، إيقافها تتوسع من حيث الجغرافيا والأهداف.
وتعدّ قاعدة «رامات دافيد»الجوية التي استهدفتها صواريخ حزب الله من أهم القواعد التابعة لسلاح الجو الإسرائيلي في فلسطين المحتلة، وهي التي سبق أن نشر الحزب الله مشاهد تفصيلية لها في فيديو مسيّرات «الهدهد» منذ أشهر.
توسيع النطاق
وتعليقاً على القصف الصاروخي الذي نفّذته المقاومة اللبنانية، أقرّت وسائل إعلام العدو بأنّ حزب الله يشلّ الشمال، وأعلنت عن مقتل مستوطن، وإصابة 13 جريحاً أحدهم إصابته خطرة وأضرار كبيرة في المباني والسيارات نتيجة إطلاق صليات الصواريخ من حزب الله، في حين انتقل مستشفى «رمبام» في حيفا المحتلة إلى جانب مستشفيات أخرى في الشمال للعمل في منشآتها المحمية.
حزب الله اختار بعناية الهدف الذي يوجّه نيرانه إليه والرسالة المضادة التي يريد إيصالها ويوسّع نطاق إطلاق الصواريخ إلى 60 كم
كما اعترفت وسائل إعلام العدو بسقوط صاروخ في منطقة «الكريوت» شمال حيفا، واندلاع حرائق في المدينة ومحيطها من جراء الصليات الصاروخية التي أطلقها حزب الله، لافتة إلى أنّ حزب الله اختار بعناية الهدف الذي يوجّه نيرانه إليه، والرسالة المضادة التي يريد إيصالها، مؤكدة أنّ الحزب الله يوسّع نطاق إطلاق الصواريخ إلى 60 كم، مشيرةً إلى دخول مليوني مستوطن في نطاق نيران المقاومة، خلال الساعات الماضية.
وأوضحت «القناة 13» الإسرائيلية أنّ المناطق التي وصلتها صواريخ حزب الله، في الناصرة والعفولة و«مغدال هعيمق»، لم تكن مشمولةً بالتعليمات التي وجّهتها الجبهة الداخلية إلى المستوطنين، تحسباً لضربات حزب الله، وهذا يعني أن تقديرات الجيش الإسرائيلي كانت تستبعد استهدافها من حزب الله.
وقالت صحيفة «معاريف»: لم نشهد شيئاً كهذا من قبل ولا حتى في عام 2006.. كلنا افترضنا أنه سيكون هناك رد فعل من حزب الله، لكننا لم نعتقد أنه سيكون بهذه القوة، لافتة إلى أنه من المفترض أنّ هناك قبة حديدية تحمينا لكن ما حصل ليس كذلك.
بالتزامن، رفعت حكومة الاحتلال درجات التأهب، إذ أعلنت تأجيل جلستها الأسبوعية التي كانت مقررة اليوم، كما أشارت «قيادة الجبهة الداخلية» إلى أنها أمرت بإغلاق كل المدارس في المناطق القريبة من الحدود مع لبنان، في حين ألغى نتنياهو سفره إلى نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العام للأمم المتحدة.
ضربات حزب الله رسائل من لهب ونار نجحت في تثبيت معادلة وحدة الساحات والدم والمصير وتؤكد أنه لا فصل بين ما يجري في غزة والشمال
رسائل من لهب ونار
إلى ذلك، أشادت فصائل المقاومة الفلسطينية باستهدف المقاومة اللبنانية مجمعات الصناعات العسكرية لـ«رافاييل» وقاعدة ومطار «رامات دافيد» رداً على الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة التي استهدفت مختلف المناطق اللبنانية، والتي أدت إلى ارتقاء شهداء، وقالت: المقاومة بقوتها وإرادتها الصلبة قادرة على ردع العدو المتغطرس والجبان، وأن اغتيال قادتها لن يُضعف عزيمتها أو يكسر إرادتها، مضيفة: هذه الضربات نجحت في تثبيت معادلة وحدة الساحات والدم والمصير، موجهةً رسالة واضحة إلى قادة الاحتلال بأن “لا فصل بين ما يجري في غزة والشمال، واصفةً إيّاها بأنها رسائل من لهب ونار وثأر مقدس لدماء الشهداء أثبتت معادلات استراتيجية لن يستطيع العدو الصهيوني وقادته المجرمين كسرها وتجاوزها.