نعم لقد انتصر لبنان
د. فيصل مصلح
لم ننتصر لأننا رمينا بهم في البحر، بل لأننا وقفنا بكل ثبات أمام جبروتهم وقوتهم في الوقت الذي انصاع العالم لتوحشهم وإجرامهم.
فهم بألف مدفعٍ ورصاصة، ونحن بألف حلمٍ وأغنية.
فكيف يَهزِمُ الحديد من صار دمه جزءاً من تراب الوطن.
نعم نحن ندرك جيدا انهم اقوى بعشرات المرات ولديهم من الحديد والنار ما يفوقنا بعشرات المرات ولديهم من ادوات القتل والدمار اكثر منا بعشرات المرات.. ولكننا انتصرنا لأننا نتعلق بأرضنا اكثر منهم بألف مرة، وصبرنا اكثر من جبروتهم بألف مرة، لأننا ملتصقون بالجبال والوديان، لاننا جزء من حبات التراب، وصمغ في عروق الأشجار، لأننا قوة من الجذب في نواة هذه الصخور، لأن ارواحنا خصال من روح هذه الأرض، لأننا ابناء هذه الطبيعة وجزءٌ من حمضها النووي..
نعم لقد دمروا كل ما طالته آلتهم الحربية الإجرامية، ولكنهم لم يدمروا عزيمتنا وإرادتنا ولم يأخذوا شبراً واحداً من أرضنا، نعم لقد أسقطوا آلاف الأبنية، ولكنهم لم يسقطوا حجراً واحداً من بنيان عزتنا وكرامتنا..
رجالنا حبست آلامها ودموعها ونظرت الى اقصى القوم في الميدان، ونساؤنا نادت بالدعاء الى اقصى قبة في السماء.. لذلك انتصرنا،
والنتيجة النهائية اننا ربحنا نقطة وهم خسروا نقطة ولا حيلة لنا ولا قوة الا بجمع النقاط.. فنحن وحدنا في هذا العالم وكل قوى الأرض اجتمعت ضدنا وأعطت الوحش تفويضاً لقتلنا، ونحن اجتمعنا على جمع عزائمنا وعلى لم شملنا وعلى تضميد جراحنا -وعزاؤنا بمن فقدنا- وعلى احتضان اهلنا ونهضنا عالياً سوياً.. وانتصرنا.
كاتب وباحث لبناني