القراءة والنقد والثقافة وعلاقتهما بالهوية والمكونات الأدبية
محمد خالد الخضر:
عندما دعيت إلى مهرجان شعري في بداية الأزمة في منزل الشاعر الراحل نزار قباني، سررت كثيراً بتقدير الشعراء الراحلين وتكررت الدعوة في أكثر من مكان ولكن ما فاجأني وأثار جرحي أنني أسمع وأقرأ ما يروج له من أسماء نقاد تعبر كتاباتهم الرغوية كل أو أغلب الوسائل الأدبية والإعلامية.. وعندما قرأ أحدهم حطم عروضياً معظم أبيات قصيدة نزار قباني، وآخر قرأ قصيدة جمع في حركاتها الموسيقية عشرين تفعلية، وخرج ودخل وأشار بيديه وصفق له عدد من الحضور وقرر أهمية الشاعرة الجميلة التي تناول مجموعتها.. والتي طبع لها في دولة عربية من قبل بعض الأدعياء عدد من النسخ لغايات غير معروفة ولم تدخل بشكل نظامي.
وفي خضم هذا الأسى المبكي توج أسماء صحف لاوجود لها لتلك الأسماء التي تريد لها أن تستبدل بكبار الكتاب والشعراء والنقاد عبر صور تركيبية يتم ترويجها بهتاناً خلال المنظومات الإلكترونية التي لاوجود ولا ترخيص ولا حضور لها وثم يتبع ذلك التكريمات الإلكترونية التي يتداولها أصحابها على صفحاتهم الزرقاء بعبارات منمقة غالباً تتبعها كلمة ( يكرم فلان لدوره الثقافي ومساهمته في السلام ) ومازلت أفتش في القواميس الوطنية والإنسانية عن أي ثقافة وسلام تتكلم الشهادة، وأقول لفرسانها يا أعزائي ما هو المصدر المؤسساتي أو الانتمائي لهذه الشهادات التي تدفعكم للدبكة فوراً والرقص والفرح ونشرها والتباهي بها.. علما أن أي طفل ماهر بالعمل الالكتروني قادر على تكوين وتأسيس أجمل منها.
وتكتمل الحالة فأغلب الذين لا يحملون شهادة ابتدائية توجوا صفحاتهم بشهادات الدكتوراه وذلك ضمن اختصاصات مختلفة أغلبها تحت تسميات ثقافية وإعلامية وتنهال المباركات والولائم وغيرها.
وفي سياق ذلك كثرت الطروحات الثقافية التي تحاول النيل من هويتنا وتبعها الاتحادات والروابط دون الحصول على ترخيص وتلك بدأت تورط المؤسسات بخداع مختلف ومتحول أوصل أدعياء الفهم والثقافة إلى نسيان ما يحمي هويتهم الثقافية والوطنية وعلى سبيل المثال أصدقائي..
لماذا لا تروجون لقول الجواهري :
صبراً دمشق على البلوى فكم صهرت
سبائك الذهب الغالي فما احترقا
وقول نزار قباني:
أنا الدمشقي لو شرحتم جسدي
لسال منه عناقيد وتفاح
مآذن الشام تبكي إذ تعانقني
وللمآذن .. كالأشجار .. أراوح
وكيف تروجون لأغنية مدروسة ومدسوسة وتميلون على أنغامها وهي ( بين ريتا وعيني بندقية ).
إن ريتا يامن لا تقتربون من الثقافة ولا تعرفون هويتكم أين هي ( تمارى بن عامي ) الجندية التي تعمل في جيش الاحتلال.. وأذكر أنه تم افتتاح احتفال لمنظمة فلسطينية في مؤسسة ثقافية بالأغنية عينها.
روجوا يا جماعة قليلاً لمن مات لأجلكم مثل غسان كنفاني وكمال ناصر وغيرهم كفاكم ضعفاً وانهياراً ومن أي شيء تشكل أغنيات الفنانين الفلسطينيين والسوريين مثل سورية ياحبيبتي.. وكثيرات أيضاً.
الآن أشعر بيقظة جميلة وأشعر بمتابعة تعالوا معاً نتمسك بانتمائنا ونحمي هويتنا ونحمي ما هو شريف وصحيح فالقادم لأطفالكم أنتم مسؤولون عنه.