في الشام يقولون «فلان ينام برأس علان»، أي أنه يؤثر فيه، ويوجه أفعاله، ويتحكم بأفكاره، ومع أنه هناك أكثر من شخص يؤثر على ترامب، لكن الذين «ينامون في رأسه» قلة، أبرزهم إيلون ماسك صاحب موقع «إكس»، وسيارات تسلا, واتصالات الفضاء «سبيس اكس»، وصار شائعاً في أمريكا، أن أكثر من يلعب بعقل ترامب هو ماسك، واحد أبرز كتاب صحيفة «نيويورك تايمز» كتب أن ماسك طيلة عمره «53 سنة» لم يقض يوماً مع ترامب، لكنه منذ يوم الانتخابات 5 تشرين، وفوزه بالرئاسة، لا يمر يوم دون أن يقضيه مع ترامب، وبات كثيرون من الدائرة الضيقة لترامب منزعجون من سطوته على الرئيس المنتخب، ومن تدخلاته في كل ما يقوم به ترامب، ويبدو أن أمريكا صار لها رئيسان، أو أن البيت الأبيض كسب بفوز ترامب اثنين في واحد.
يشاع أن ماسك ساهم في اختيار معظم الأشخاص الذين رشحهم ترامب لمناصب قيادية في إدارته، وبات رسمياً أنه حضر وشارك بالمكالمة التي أجراها ترامب مع رئيس أوكرانيا، أي أنه يشارك في قضايا إدارية وسياسية واستراتيجية، علاوة على أنه تسلم ما يسمى في الإعلام «وزارة الكفاءة»، وهي هيئة مرتبطة بالرئيس، الذي أعلن أن وظيفتها، تفكيك الدولة العميقة، وضبط الوظيفة العامة، وتخفيض الميزانية بمقدار تريليوني دولار، وتخفيض عدد الموظفين، أي أن ماسك سيكون «سيف ترامب المسلط على مؤسسات ووزارات الحكومة، باسم الكفاءة»، وسيكون المنظف بقوة للإدارة، والمطهر الجارح والقوي لزوايا وأسس نظام الحوكمة الأميركية، والمعقم السام والقاتل لـ «الدولة الأمريكية العميقة» القائمة، ألم ينشر على موقع «إكس» فور إعلان فوز ترامب، صورة له في المكتب البيضاوي، وهو يحمل مغسلة، وهي نفس المغسلة التي تصور وهو يحملها عندما دخل «تويتر» أول مرة، وكانت رمزاً لما سيقوم به من تنظيف، حيث سرح 80% من موظفين موقع «إكس»، بعد صورة المغسلة، ماسك يعد الإدارة الأمريكية بنفس ما فعله في تويتر، فقط لأنه ينام برأسك ترامب، ويتربع على رأس الحكومة، ويسيطر على الدولة العميقة البديلة الوافدة.
ولكن هل نسي ماسك، أن ترامب متقلب، مزاجي، ولا أحد يتوقع ما يفعله، وقد ينهي وجوده معه، ويطرده من رأسه، ومن وزارة الكفاءة بلحظة طيش، هناك من يقول إن مالك تسلا أخبث من ترامب، وهو يراقب طاقم الرئيس ويدرس تصرفاتهم. ويدرس أفعالهم وردود فعله باهتمام يشبه قيامه بـ «دورة مكثفة» حول التعامل مع هذا الفيل الساكن الجديد للبيت الأبيض، الذي لا أحد يتوقع طيش تقلباته ولا بد أن أحدهم همس في أذنه محذراً «لا تنغش بإعجابه بك، ومجاملاته لك، ولا تظن أن ثروتك البالغة 345 مليار دولار، أو عدد زوار موقعك «إكس» يؤثرون به، أو يمنعونه من الانقلاب عليك، بلحظة تجد نفسك بالمغسلة مرمياً بعيداً»، لذلك فإن ماسك يدرس الرئيس بتكثيف، وتعلم من معتمدة ترامب للمعلومات المتدفقة بدون روتين البيروقراطية «نتالي هارب» أن يستمر بالقول للرئيس «لا يمكن للحياة أن تستمر دونك»، ويبدو أن ماسك ضمن هذه الدورة المكثفة أحضر معه أصدقائه من مدراء تنفيذيين لشركات التكنولوجيا ليكون معه وحوله وفي فريقه ما يجعله يطيل عمره مع هذا الرئيس «السويعاتي» المتقلب بطيش.
أمريكا على موعد مع ترامب جديد، محاطاً بذئاب التكنولوجيا، وينام في رأسه ذئب أشرس منهم اسمه ماسك، وبات يمسك الحكومة من عصبها، عبر وزارة الكفاءة، وبإطاحته بالدولة العميقة القائمة، سيخلق ماسك لنا دولة أمريكية عميقة جديدة، مسلحة بالتكنولوجيا المتعصبة بعنصرية «أمريكا أولاً»، والمهووسة بإعادة أميركا عظيمة عبر سيطرتها على الكون والإنسانية، أنها أميركا ترامب وينام في رأسه ماسك وأمثاله!!!
د. فؤاد شربجي
131 المشاركات
قد يعجبك ايضا