بعد مفاوضات غير مباشرة قادها المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين، توصل أطراف الصراع، لبنان والكيان الإسرائيلي، ومن يقف خلف هذا الكيان، إلى اتفاقية لوقف الأعمال العدائية المتواصلة على لبنان.
في فصول الحرب على لبنان، أحدثت المقاومة اللبنانية/ حزب الله، نوعاً ما من التوازن مع آلة العدوان الضخمة، فرغم السيطرة الجوية للكيان على أجواء المنطقة، إلا أن السيطرة الجوفية للحزب، من خلال مئات الأنفاق المتشعبة في باطن الأرض، كانت من أهم الأسباب التي دفعت الكيان إلى الاتفاق، رغم إخفاء الخسائر من جانب العدو.
لا يذهب الكيان الإسرائيلي لأي اتفاق إلا مرغماً ومدفوعاً بحسابات ميدانية، أولها وأهمها: استهداف صواريخ حزب الله لـ«تل أبيب»، ما عجّل بموافقة الكيان على وقف لإطلاق النار، فالإيلام كان متبادلاً، ومن جهة الحزب كان متصاعداً، وثانيهما: قدوم فصل الشتاء، وما يعنيه ذلك من متاعب كبيرة على قواته البرية، التي عجزت عن التثبيت في الأرض الجديدة، التي زرعها حزب الله بالكمائن والمصائد، وهذا ما عبر عنه بالتسريع بالاتفاق، على وقع ضربات المقاومة الموجعة.
من دون التوصل إلى أي اتفاق، كان أمام الكيان خياران: أولهما أن يذهب إلى استنزاف وخسائر هائلة، فالحزب انتظر واستعد مطولاً للمعارك البرية من نقطة صفر، والاحتلال على علم بذلك، وثانيهما أن يرتد وينسحب بلا اتفاق يضمن العودة لمستوطني الشمال، وهذا بحد ذاته هزيمة، ستحمل لرئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو.
لقد افتقد الكيان بعد أكثر من شهرين من الاستهداف المكثف للبنان، الأهداف العسكرية لقصفها، فاستهدف المرافق الصحية والسكنية للمدنيين، للضغط على بيئة المقاومة، فمن أهم العوامل التي أدت إلى صمود المقاومة، بعد التجهيز والاستعداد الكبير لحزب الله لهذه المعركة، صمود بيئة المقاومة التي تعرضت للضغط، لفك الروابط بينها وبين حزب الله، والتي رفضت منح هذا الكنز للعدوان، وبقيت على تضامنها لأنها منه وهو منها، وصولاً إلى فئات أخرى من اللبنانيين، لكن جميعهم رفض منح ما يريده الكيان العدواني، وإحداث شرخ بين اللبنانيين، وبقوا على تضامنهم مع أهل الجنوب.
الأيام تثبت، إن كان الاتفاق هدنة مؤقتة يريدها الاحتلال لاستراحة قبل الشروع من جديد بالقتل، وخاصة أن المنطقة قد خبرت سلوكيات الكيان عن كثب، فهل يتوقف عن طبيعته العدوانية؟.. بعد غزة، لبنان، ومن ثم.. من!
راتب شاهين
7 المشاركات
قد يعجبك ايضا