(العهد) يدخل موسم الدراما القادم.. السيناريست عدنان ديوب: المسلسل من أعمال البيئة الشامية لكنه يختلف عنها

حوار – ميسون شباني:

مع اقتراب موسم الدراما الرمضاني؛ بدأت عمليات تصوير معظم الأعمال الدرامية التي أعلنت عن دخولها الموسم، وكانت أولى هذه الأعمال مسلسل “العهد” للكاتب عدنان ديوب والمخرج د. محمد زهير رجب…
العمل ينتمي بتفاصيله إلى البيئة الشامية ويحاكي مرحلة ما قبل تحرر دمشق من الاحتلال العثماني، ويمتد بحكاياه لمرحلتين زمنيتين تفصل بينهما مايقارب الخمس عشرة سنة.. وهو من بطولة كل من: رنا شميس، روعة ياسين، سعد مينة ، فراس إبراهيم ، رامز أسود،لينا حوارنة، رنا أبيض، روبين عيسى، تيسير ادريس،نجاح سفكوني ،صباح بركات ، علي كريم ، طارق مرعشلي ، جودت البيك ، وسيم الشبلي، وائل زيدان ، رضوان عقيلي، موفق الأحمد ، مؤنس مروة ،سالي أحمد، يوشع محمود، دجانا عيسى، دلع نادر، رشا إبراهيم ،أيمن بهنسي، رامز عطالله…وغيرهم وهو من إنتاج شركة قبنض للإنتاج بالتوزيع الفني.

صراع الحواري
وحول تفاصيل العمل وجديد مايحمله من أحداث التقت (تشرين) كاتب العمل عدنان ديوب وتحدث عن فكرة مسلسله ومضمونه قائلًا: العمل يتحدث عن الفوضى التي خلقها رجل الحكمدارية “سليم” انتقاماً لمصالحه، الشخصية والتجارية، وكيف تمكن من خلال استغلاله لخلافات بسيطة من الدخول والتغلغل في النسيج الاجتماعي لبيئة الحارة والوصول إلى أعماقها، حيث يخلق نزاعات وانقسامات لينشب صراع بين عائلتين رئيستين في الحارة تنتهي بمقتل كبير العائلة الأولى “أبوخطار”، واتهام كبير العائلة الثانية “أبو غزوان” بقتله، وتتعقد الأحداث ولاسيما بعد عودة “خطار” الشاب المنتقم الذي يتنكر بشخصية مختلفة، ليكتشف حقيقة قاتل والده في مفاجأة صادمة، ومن ثم لتتحول معركة الانتقام إلى صراع إيديولوجي بين الخير والشر، يدفع كلّ من “أبو غزوان” و”خطار” إلى خوض معركة أخيرة حاسمة ضد “سليم” وأعوانه. حيث يخرج الثأر عن مفهومه التقليدي الدموي ليصبح رحلة بحث عن الحقيقة وفهم ما حدث ولماذا حدث مع التأكيد أنه من الظلم أن يتم ..
ويستكمل ديوب حديثه بأن ثمة أحداثاً قوية متفردة لا تقل أهمية عن الفكرة الرئيسة الحاملة للعمل، حتى ضمن الفكرة الرئيسة توجد أحداث وتفاصيل تعطيه شكلاً مختلفاً و لا يتسع المقام هنا للحديث عنها.

العهد ميثاق الشرف
وعن المقصود بعنوان العمل يضيف ديوب بأن شخصيات العمل الرئيسة تحمل هواجسها وقصصها الخاصة ضمن مقولة متكاملة مترابطة تشكل النسيج الفكري للمسلسل، فالشرف هنا يتمثل بكلمة تعطي الرجل هويته عندما يلتزم بها أمام نفسه أو أمام الغير، أو تجاه الغير، لتتحول هذه الكلمة إلى قيمة، وبدورها تترسخ القيمة في الوجدان وتصبح عهداً.. العهد الذي يصون الجميع ويضمن وجودهم وكيانهم، كما أريد لهذا الجزء والرقعة والجغرافية من العالم أن يكون أرضاً للقاء والتسامح وميثاقاً للشرف والرجولة مصوناً بهذا العهد.
وعن سبب توجهه نحو البيئة الشامية والاختلاف الذي يحمله العمل والفترة التي يلامسها يؤكد ديوب بأن المسلسل لا يمثل توثيقاً بالمعنى الحرفي لفترة زمنية محددة بالأسماء والأحداث والتواريخ، لكنه يتناول حالة فهم للمرحلة الممتدة منذ ما قبل نهاية الاحتلال العثماني بما يقارب الخمسة عشر عاماً حتى الاقتراب من نهاياته في المنطقة، فهو يأخذ روح الفترة من دون الخوض بالتوثيق لتدور أحداثه الافتراضية في حارة افتراضية. واخترت البيئة الشامية لأن الكاتب يستطيع تقديم مقولات لا تسمح طبيعة الأعمال الاجتماعية المعاصرة بتقديمها في معظم الأحيان، وخاصة في ظل التغير المتسارع والحاد بملامح المجتمع وقيمه، في حين أنه في أعمال البيئة الشامية يكون الفضاء فيها أرحب صدراً لتقديم إسقاطات يريدها الكاتب بفرض أراد ذلك، ومن جهة أخرى تكون هذه النوعية من الأعمال أكثر استيعاباً لتقديم حالات ترضي المتلقي المتلهف لمشاهدة قيم النخوة والرجولة وطيبة الناس والتسامح في الهفوات والغفران والعفو عند المقدرة.. تصوري أن يتم طرح مثل هذه المقولات ضمن عمل اجتماعي معاصر أعتقد أن جواب المتلقي سيكون «وين لسا فيه من هاد الكلام؟!!الله يرحم من أيام زمان».
فالمشاهد أكثر قدرة على التلقي وتقبلاً للمقولات العريضة في أعمال البيئة الشامية، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن هذه الأعمال تمتاز بالقوة وضخامة الإنتاج بشكل عام ، وتشكل علامة فارقة لكل من يعمل بها سواء من ناحية الكتابة أو الإخراج وحتى الإنتاج.. والاختلاف الذي يحمله هذا العمل بأنه وإن كان يأتي في إطار دراما البيئة الشامية، ويعتمد على التشويق والإثارة كثيمة أساسية في الطرح.لكن الاختلاف أولاً يتمثل بعمق محاولة تشكيل روح تلك المرحلة وباختلاف طبيعة الصراع الدرامي الذي يعتمد على الصدمة العنيفة للمفهوم والقيمة والحدث في مواجهة ماهو مألوف ومتوقع، فقصة كل بطل ما هي إلّا جزء من صورة أكبر لن تعرف الهدوء والراحة إلّا بالعهد الذي سيلتف الجميع من حوله.

الفردوس المفقود
ويبقى التساؤل عن سر العودة إلى الوراء في درامانا هل السبب هو نجاح هذه النوعية من الأعمال؟! يجيب ديوب بأن أعمال البيئة الشامية تلقى متابعة كبيرة ليس في سورية فقط بل على مستوى العالم العربي، فعمل البيئة الشامي بقيمه التي تنتصر وقيم شخصياته الإيجابية يمثل مايشبه الفردوس المفقود في وجدان متابعيه، ويداعب المشاعر الكامنة في الوجدان الجمعي، هذا ما جعل من شاشات الفضائيات تستقطب متابعيها بهذه الأعمال، الأمر الذي بدوره شجع الجهات المنتجة على القيام بإنتاجها.
وبخصوص التحول الذي سيشهده العمل على صعيد الشكل البصري؟ يشير ديوب بأن التحول عرفته أعمال البيئة الشامية ويتم تناوله باختلاف طبيعة الحدث وهو ما سيؤدي إلى التعاطي برؤية مختلفة مع الصورة.. ويضيف: هنا يجب أن نميز بأن النص لا يعتمد على التغريب في خلق البيئة، فنحن وإن كنا نتحدث عن حارة افتراضية تصح في أي مكان ، لكننا لا نتحدث عن حارة افتراضية في كوكب افتراضي. مفردات البيئة ودلالاتها واضحة وثابتة، لكن طريقة التعاطي والطرح مختلفة. وهذا ما أكدت عليه الجهة المنتجة، فهي ستسعى لتقديم صورة ورؤية مختلفة ومغايرة للبيئة الشامية، وحرصت على اختيار أماكن التصوير بدقة، وإلى اختيار نجوم العمل، بالإضافة لوجود مكان تصوير ضخم تم بناؤه ليتم تصوير (لوكيشن) ضخم من العمل فيه، كل هذا من أجل تقديم صورة مختلفة.

تكامل النص مع الرؤية البصرية
وعن تعاونه مع المخرج د. محمد زهير رجب وهل استوجب التصوير وجود تعديلات على النص المكتوب بصرياً؟! لفت ديوب إلى أن د.محمد زهير رجب له عقلية إخراجية مختلفة وفذة، وله بصمته الخاصة في الدراما السورية بشكل عام وأعمال البيئة الشامية بشكل خاص، حيث توجد حالة تبنٍ واضحة للنص إنتاجياً وإخراجياً، وما يميز تجربتي معه أنّ الرؤية الإخراجية للتعامل مع النص ورقياً، كانت أعمق بكثير، وكان من الواضح وجود حالة رضى وقناعة من قبله لرؤيتي ككاتب لخطوط العمل وتصاعد الحدث وتوجهه وبناء الشخصيات.. ما أريد قوله: إن المخرج محمد زهير رجب تعامل برؤية إخراجية مميزة ، حيث رأى أن تكامل النص يتكامل برؤية الكاتب مع أدواته الإخراجية لضمان نجاح العمل وإيصال مضمونه بشكل مختلف ، فالعمل يعتمد على زخم الأحداث المؤثرة فلا توجد أحداث مجانية، و(الأكشن) فيه يسير جنباً إلى جنب مع الدراما، بالإضافة لوجود معارك ضخمة، كانت الغاية ألّا توجد حلقة يتسرب فيها الملل ولو للحظة إلى المشاهد، لذلك قد تختلف تقديراتي الورقية عما يفرضه واقع التصوير وخاصة أن المخرج يعطي المشاهد حقها من ناحية اللقطات والتقطيعات، وفي إعطاء تفاصيل الشخصية والحدث حقهما.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار