معادلة صفرية جديدة في المنطقة.. أميركا وكيانها و«الرجم غيباً» حول الرد «الوشيك».. بايدن يجمع فريقه الأمني والبحث يشمل سيناريوهات محتملة خارج كل التوقعات

تشرين- مها سلطان:
أكثر ما تستطيع الولايات المتحدة التصريح به حول الرد المرتقب من إيران والمقاومة اللبنانية/ حزب الله، هو أنه وشيك، وتعبير «وشيك» هنا لا يعني أن الرد مرتقب بين يوم وآخر، بل بين ساعة وأخرى، وهذا ما يجعل الولايات المتحدة «والكيان الإسرائيلي» أشد قلقاً، خصوصاً أنهما- أميركا وكيانها- في حالة عمى كلي فيما يخص المعلومات الاستخباراتية حول توقيت وطبيعة ومكان الرد، وفق وسائل إعلام أميركية وإسرائيلية.. لكن الكيان يعول على هامش بسيط هو أنه لا بد من أن يتمكن من معرفة شيء حول الرد المرتقب حتى لو كان ذلك الوقت قصيراً بحدود دقائق ما قبل الرد، حيث يمكن للكيان التصرف، كما زعم بنيامين نتنياهو، متزعم حكومة الكيان، في تصريحات له أمس الأحد.
الأمر الآخر الذي يقلق الولايات المتحدة هو أن الجهود النشطة التي تقودها في المنطقة في سبيل «التخفيف» من الرد، لا يبدو أنها تثمر، حيث ترفض إيران أن يكون الرد من النوع المتفق عليه، زماناً ومكاناً وحجماً، كما تريد واشنطن، بزعم تجنب مزيد من التصعيد باتجاه حرب أوسع، وفي الوقت نفسه يكون هذا الرد المتفق عليه من النوع الذي يرد الاعتبار لإيران، وفق صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية.

أميركا وكيانها أشد قلقاً هذه المرة في ظل عمى المعلومات الاستخباراتية حول توقيت وطبيعة ومكان الرد.. وهذا يضيّق هامش المناورة إلى حدود دقائق فقط ما قبل الرد

وهذا أمر متوقع من الولايات المتحدة، لكن أن يستمر التصعيد العدواني الإسرائيلي، فيما الرد ممنوع على من يقع عليه العدوان، فهذا ما لا يمكن أن يستمر، كما أنه لا يمكن أن تستمر مسألة أن الرد على العدوان الإسرائيلي هي فقط من يهدد بإشعال حرب موسعة في المنطقة، أما الكيان الإسرائيلي بعدوانه المستمر فهو لا يهدد بذلك.
هذا تجاهل أميركي كلي لمسألة أن «الرد» المرتقب وغيره من الردود السابقة يأتي في إطار رد فعل على فعل، أي رد من المعتدى عليه على من يعتدي عليه.. أكثر من ذلك أن الجهود الأميركية الآنفة الذكر تستمر في تسويق «رد الفعل» على أنه «عدوان» وليس دفاعاً عن النفس وعن السيادة والأمن بمواجهة التهديدات الإسرائيلية. أما المؤسف فهو أن هذه الجهود تلقى ردود فعل متعاونة وإن كان أصحابها يقدمونها في إطار احتواء التصعيد وتجنب الحرب الموسعة.. هذه معادلة لا تستقيم مع استمرار العدوان الإسرائيلي الوحشي على غزة من جهة، وعلى دول في المنطقة من جهة أخرى.

قواعد اشتباك جديدة
يضاف إلى ذلك أن الكيان الإسرائيلي لن يوقف عدوانه، والولايات المتحدة لن تجبره على وقفه، وليس هناك أي قيمة لتصريحاتها المستمرة بأنها تمارس ضغوطاً كبيرة على الكيان، أو ما تقوله عن اللهجة القاسية والحادة التي يتحدث بها المسؤولون الأميركيون مع نتنياهو.. ألم تتكرر هذه التصريحات مع زيارة نتنياهو الأخيرة إلى واشنطن، وبعد الاعتداء الإسرائيلي الذي نفذه الكيان ضد إيران باستهداف هنية على أراضيها؟.. وقبل ذلك سمعنا الكثير من هذه التصريحات، بينما النتيجة على الأرض كانت المزيد من العدوان والاعتداءات الإسرائيلية مقابل أن واشنطن في كل مرة كانت تعلن تأكيد دعمها المستمر للكيان بمواجهة ردود الفعل المحتملة.
ما يُقال حالياً هو أن الجهود الأميركية لإعادة قواعد الاشتباك إلى سابق عهدها لن تنجح.. فما أفرزه اغتيال إسرائيل لشكر وهنية هو تثقيل المعادلة الصفرية في المنطقة.. والفارق هنا عن المعادلة الصفرية الأساسية (التي برزت بعد طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول الماضي) هو أن هذه المعادلة توسعت بصورة هي الأخطر على الكيان الإسرائيلي، حتى يمكن القول إن الكيان لم يعد طرفاً فيها. المعادلة باتت بطرف واحد فيما الناتج هو الكيان، المقصود هنا نتائج معادلة التصعيد باغتيال هنية وشكر على الكيان.

واشنطن تسوق «الرد» المرتقب على أنه عدوان على الكيان وليس دفاعاً عن النفس وعن السيادة والأمن بمواجهة العدوان الإسرائيلي المستمر

حصار الوقت
واشنطن اعترفت أمس بلسان وزير خارجيتها أنتوني بلينكن بأنها لا تستطيع تحديد توقيت الرد من إيران والمقاومة اللبنانية/حزب الله، وإن كانت تفترض أنه وشيك، رابطة ذلك بمناسبات دينية قد تكون مؤشراً لزمان الرد ومكانه، هذا يقود إلى أن الجهود الأميركية يحكمها وقت ضيق جداً ليس في مصلحة واشنطن ولا كيانها.. ضيق الوقت هنا لا يفسح أي مجال للمعلومات الاستخباراتية التي تحتاجها واشنطن وكيانها، وفي الوقت نفسه لا يسهل عليهما ممارسة الضغوط اللازمة في سبيل التخفيف من الرد.
التصريحات الأميركية طوال نهار أمس الأحد كان فيها تركيز شديد على أن الرد سيكون ليلة اليوم الإثنين (فجراً) حتى كدنا نصدق، والأمر نفسه يتكرر اليوم حيث تشير التصريحات الأميركية (ووسائل إعلام إسرائيلية) إلى أن الرد سيكون غداً الثلاثاء على أقصى حد. بالمقابل لا يخرج من إيران أو حزب الله (أو جبهات أخرى) أي مؤشرات، باستثناء التصريحات التي تؤكد حتمية الرد وأنه سيكون قاسياً جداً وبما يردع الكيان عن الرد «على الرد».. ففي المرات السابقة كان يتم تمرير رسائل محددة بصورة متعمدة (عبر قنوات دبلوماسية معروفة) في سبيل احتواء التصعيد ومنع اتساعه باتجاه حرب أوسع يقول الجميع إنه لا يريدها.. هذه المرة مختلفة، حيث لا رسائل ولا قنوات دبلوماسية، وحيث الجهود الأميركية الحالية تغرق بالكثير من الغضب ومن الرفض في معظم المنطقة.
هذا المنحى ليس خافياً على أحد، حتى إن الولايات المتحدة نفسها تعترف بأنها تتعامل مع منطقة مختلفة (بما في ذلك الحلفاء) وعبثاً تحاول إفهام الكيان ذلك.

«الرجم» في الغيب
وعليه ليس أمام واشنطن سوى الرجم في الغيب حيال زمان الرد ومكانه، بينما ينصرف الكيان إلى إطلاق التهديدات ومن النوع العالي المستوى على أمل أن تفعل فعلها إلى جانب الضغوط الأميركية.. أما الميدان فلا يزال على حاله، عدوان إسرائيلي مستمر بوحشية على قطاع غزة وأهله، حيث وصلت حصيلة الشهداء إلى حوالى 40 ألف شهيد، وتصعيد متبادل على جبهة الشمال/جنوب لبنان، مع غلبة للمقاومة اللبنانية التي ما زالت تسيطر نارياً على شمال الكيان وبما أخرجه فعلياً من دائرة الوجود «أي لناحية استحالة عودة المستوطنين إليه ما دام أهل غزة لم يعودوا إلى مناطقهم وبيوتهم، وما دام العدوان الإسرائيلي لم يتوقف».
صحيفة «معاريف» الإسرائيلية نقلت أمس عن مسؤولين في المستوطنات الشمالية قولهم: «أعيننا على الأرض، وليس في السماء، نحن نستعد لسيناريوهات غير متوقعة، خاصة بالنسبة لسيناريو محاولات التسلل أثناء الهجمات الصاروخية والطائرات من دون طيار وغيرها من التهديدات»، في إشارة إلى ماهية الرد الإيراني.

المعادلة الصفرية الجديدة في المنطقة باتت بطرف واحد فيما الناتج هو الكيان.. لقد جنى على نفسه بتثقيل المعادلة الصفرية الأساسية خارج قواعد الاشتباك

ومن المفترض أن يعقد بايدن اجتماعياً أمنياً طارئاً اليوم الإثنين لبحث الأوضاع في المنطقة، وذلك بعد اجتماع مماثل لدول مجموعة السبع الكبرى، حيث كشف موقع أكسيوس أن بلينكن أخبر نظراءه في دول المجموعة بأن إيران وحزب الله سيهاجمان «إسرائيل» حتماً ولكن لم يتضح كيف، ولا أحد يعلم الموعد بدقة.

للدفاع.. والهجوم
وأشار بايدن إلى أن اجتماع مجموعة السبع بحث الحاجة الملحة لتهدئة التوتر في الشرق الأوسط، بينما قال مسؤول في البيت الأبيض: إن الولايات المتحدة ستنشر قدرات عسكرية إضافية في المنطقة كإجراء دفاعي بهدف التهدئة.
وقال جوناثان فاينر نائب مستشار مجلس الأمن القومي الأميركي في حديث لشبكة «سي.بي.إس» الأميركية: الهدف العام هو خفض التوتر إلى جانب الرد وصد الهجوم المرتقب وتجنب صراع إقليمي، وأضاف: نحن نستعد لكل الاحتمالات.
وأشار فاينر إلى أن المنطقة تجنبت تصعيداً كبيراً في نيسان الماضي خلال الرد الإيراني على الاستهداف الإسرائيلي للقنصلية الإيرانية بدمشق.
وأضاف: إن الولايات المتحدة تريد أن تكون مستعدة في حالة تفاقم هذا الوضع مرة أخرى.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
بمشاركة 65 فريقاً.. انطلاق النهائي الوطني 14 للمسابقة البرمجية السورية للجامعات SCPC 24  في جامعة البعث حريق جديد يطول غابات السنديان في ريف مصياف وزارة التجارة الداخلية تحضر لانتخابات "الغرف"..والوزير  يشدد على الشفافية والمسؤولية واتباع ضوابط دقيقة المقداد يتسلم أوراق اعتماد السفير غير المقيم لنيكاراغوا لدى سورية فنزويلا ترفض «التقرير الأولي» للأمم المتحدة: عمل دعائي يخدم مصالح اليمين المتطرف أحلام الغرب بالضغط على روسيا سقطت.. قوات كييف تتقهقر في كورسك.. موسكو: الهجوم الأوكراني سيوقف مفاوضات السلام لفترة طويلة هاريس و«ظل» بيلوسي الحاكم.. بيانات مالية مخيبة للديمقراطيين: ترامب الأفضل الهند تضع خطة خمسية للحد من تغيرات المناخ تطوير ضمادة «كهروضوئية» لتسريع التئام العظام المكسورة للتضييق على الرد الإيراني.. زحمة موفدين أميركيين إلى المنطقة وطاولة مفاوضات جديدة تُعقد غداً.. المنطقة تغرق في حالة عجز كاملة عن توقع الآتي والتشاؤم يسيطر