المجالس أمانات
ما آل إليه الاستخدام الخاطئ للموبايل لم يعد بالأمر العابر أو الهيّن، حيث بات ضعاف النفوس يوظفون ميزاته أحياناً لضرب علاقات الناس ببعضها من خلال بث الفتنة، والعمل على تصيّد أشخاص بعينهم بهدف الإيقاع بهم أو ابتزازهم.
مما يحدث، أن أحدهم قد يتصل بآخر ويتناول معه حديثاً حول شخص أو عمل ما أو قضية معينة، و يتقصّد أن يشعب الحوار لعله يطول جوانب تخالطها السلبيات من هفوات وأخطاء وتقصير وغير ذلك، وبعدها بوقت قد يتفاجأ الآخر أنّ تسجيلاً صوتياً اصطاد ما دار، وبدأ من سجّل بمحاولة توظيفه عبر التهديد بفضح محتواه والمساومة عليه لتمرير غايات معينة.
أيضاً قد يتم التواصل المباشر بين شخصين أو بين عدة أشخاص ضمن مجموعة عمل أو صداقة أو عائلة بالكتابة عبر أحد برامج التواصل الاجتماعي، ويدور نقاش بخصوص شأن معين أو شخص ما، ومن ثم تتفاجأ بعد فترة أنّ أحداً قام بسحب لقطات شاشة للمحادثة أو أجزاء منها وإرسالها إلى أطراف أخرى، مفشياً لها تفاصيل ما دار من معلومات أو انتقادات تتعلق بتلك الأطراف أو بعمل يخصها، ما يشكل فتنة ينتج عنها تصادم غير محسوب العواقب.
كذلك لا يتوانى البعض عن القيام بالتقاط صور ثابتة أو فيديوهات بشكل خفي غير معلن، ومن دون موافقة أو علم الحاضرين سواء في بعض المناسبات أو المجالس، كأن يتم مثلاً أخذ صور لفتيات ونساء وهن بلباس الحفلات وأثناء الرقص والدبكة واستغلالها بالابتزاز، كذلك تصوير أشخاص أثناء حضور ولائم أو اجتماعات خاصة وتوظيفها أيضاً في الابتزاز والإساءة.
المجالس كما يقال أمانات، وبالقياس فإن ما يدور عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو في أي جلسات ومناسبات خاصة هو أمانة أيضاً، ويفترض أن تحتم الأخلاقيات علينا جميعاً صونها وعدم إفشائها، من مبدأ عدم خيانة المجالس.
ما يزيد التمادي بمثل هذه الممارسات التي تنطوي على الإيذاء والإساءة والابتزاز والإيقاع بين الناس، هو سكوت معظمنا عليها بالرغم من أنّ القوانين تحاسب عليها، وحتى يرتدع مرتكبوها عن تكرارها لا بدّ من لجوء المتضررين إلى القضاء لتطبيق أحكام مواد قانون الجريمة الإلكتروني ذات الصلة بحقهم.