أزمة سكن أم أزمة أراضٍ؟

تشرين- د.رحيم هادي الشمخي:

إن حلمنا بامتلاك قطعة أرض سكنية هو حلم مشروع، ومن حق الناس أن تحلم بدُورٍ سكنية جاهزة ومناطق مخدمة وحياة أفضل، غير أن أحلامنا مازالت في القاع ولم نرفع سقف الأحلام كثيراً، إن هناك خطأ ارتكب على مر العهود السابقة، هو ربط أزمة السكن بامتلاك قطع الأراضي بدل تسليم دور ومناطق سكنية جاهزة ومعاداة البناء العمودي في الوقت نفسه، ولذلك بقيت أزمة السكن تتمدد والتعاسة تتمدد معها، والبؤساء يتزوجون ويتكاثرون في حملة عشوائية لزيادة النسل، وعلى الرغم من استمرار عمليات توزيع الأراضي السكنية مازالت المدن تكتظ وتضيق بسكانها لأن توزيع الأراضي لم يحل أزمة السكن، ولأن الناس لا تحلم كثيراً بالعمارات، كما أن المستثمرين لم ينجحوا في جذب الناس إليها وتسهيل الحصول عليها أو لبعدها عن مراكز المدن.
هل سمعتم مواطناً أوروبياً يحلم بقطعة أرض أو (بوصلة كاع)؟ ومع ذلك مؤشرات السعادة في أوروبا هي الأعلى، والناس في ثبات ونبات، حتى على صعيد الدول العربية نادراً ما نسمع عن توزيع قطع أراض سكنية وإنما مدن مخدمة، ليس كما يحصل في سورية أو العراق، فالدونمات المتروكة غير القابلة للسكن في أطراف المدن والمحافظات؛ تحتاج إلى متابعة من قبل دوائر التخطيط العمراني، وجهود البلديات لانتشالها من التصحر، وإيصال الخدمات إليها لتوزيعها بقطع سكنية على المواطنين المحتاجين للعيش السعيد في بيت يؤويهم ويحميهم من حرّ الصيف وبرد الشتاء، وهو حقهم المشروع، والحلم الأول والأخير لكثير من الناس ينحصر بتسلم قطعة أرض سكنية نتيجة تراكمات أزمة السكن، وهذه الأرض هي أقرب طريق للوصول إلى قلب المواطن وكسب وده ورضاه، ومنذ الأزل كانت هناك جمعيات للإسكان تقوم بتوفير السكن للمواطن السوري ومازال بعضها باقياً لكن الدعم المادي غير كافٍ لقيامها ببناء دور سكنية للمواطنين وتقليل حيف السكن، وخاصة في المدن والمحافظات السورية.
يجب أن نذكر أن هناك عوامل أخرى أدت إلى تقليص عمل جمعيات الإسكان، منها ما تعرضت له الدولة السورية من مؤامرة أمريكية – صهيونية لتجويع الشعب السوري وتدمير إنجازاته العظيمة، يقول محمود درويش:
لا ليل يكفينا مرتين..
هناك باب واحد لسمائنا
من أين تأتينا النهاية؟
نحن أحفاد البداية
لا نرى غير البداية

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار