محكمة العدل الشعبية السورية لأجل غزة.. أيقونة المقاومة القانونية
تشرين:
بهدف تفعيل الدور الشعبي في النضال القانوني ضد الاحتلال الإسرائيلي وحشد الحراك الجماهيري وتنظيمه ضمن أطر عمل منظمة غير حكومية معترف بها في عدد من الدول، أقيمت مؤخراً في سورية محكمة عدل شعبية مكونة من قضاة ومستشارين من مصر والجزائر والعراق ولبنان وسورية لمحاكمة الكيان الصهيوني على جرائمه ضد الشعب الفلسطيني في غزة.
وتأتي هذه المحكمة التي استمعت فيها هيئة المحكمة إلى مجموعة من المرافعات المقدمة من طلاب الدراسات العليا «الدكتوراه» في مجال القانون الدولي من جامعات سورية وعربية، وذلك ضمن مسابقة «أفضل المرافَعات القانونية ضد جرائم الصهيونية المرتكبة والمتواصل في قطاع غزة»، بعد الدعوة التي رفعتها دولة جنوب إفريقيا أمام محكمة الجنايات الدولية والمحاكم الدولية الأخرى لإدانة الكيان الصهيوني، حيث تشكيل هذه المحكمة بمشاركة طلاب دراسات عليا من عدد من الجامعات السورية.
وأعلنت المحكمة سلسلة من الإدانات بحق الكيان الصهيوني، من بينها القتل العمد والتدمير الممنهج المستمر منذ بداية الاحتلال الصهيوني عام 1948، كل ذلك يعدّ جرائمَ حرب على نطاق واسع وانتهاكًا للقوانين الدولية والإنسانية وإبادة جماعية للوصول إلى جريمة أكبر وهي تدمير الوطن وشعبه.
في الواقع يبعث هذا الإجراء على السعادة، وفي الوقت الذي لا ترغب فيه العديد من الدول اتخاذ موقف واضح وإدانة جرائم «إسرائيل» لوقف قتل وذبح الفلسطينيين في رفح وغزة، جرت محاكمة تبناها الضمير العام.
وربما لا تتمتع هذه المحكمة بالصلاحية القانونية التي تتمتع بها المؤسسات الدولية مثل محكمة العدل الدولية«لاهاي»، لكنها لا تفتقر إلى الأهمية والتأثير.
أولاً، الدولة السورية، وهي جزء من المقاومة، أقامت هذه المحاكمة دعماً للشعب الفلسطيني وأظهرت أن دعم فلسطين لا يقتصر على الأسلحة والإعلام فحسب، بل إن الأدوات القانونية يمكن أن تكون بنفس فعالية الأسلحة اليوم وتمارس الضغط على هذا الكيان..
ثانياً، كانت هذه المحكمة مكونة من قضاة من عدة دول عربية، ما يدل على المشاركة الواسعة للمحامين والقضاة في مسألة مهمة، وقرر هؤلاء المحامون الوفاء بدينهم دفاعاً عن فلسطين بعقد هذه المحكمة، والأمل أن تستمر هذه الحركة من قبل المحامين والقضاة الآخرين في العالمين العربي والإسلامي.
ثالثاً: فقد شبه أحد القضاة هذه المحكمة بمحكمة ضمير الأمم الحرة والمضطهدة، محكمة توصل صوتهم، لأن المحاكم الدولية تجاهلتهم بسبب المصالح السياسية التي تدعمها الولايات المتحدة المنهمكة بالتواطؤ والقتل والدمار وإنتاج وبيع الأسلحة، محاكم فشلت في سحب رقاب الفلسطينيين من تحت المقصلة الصهيونية المستمرة في حملتها الهمجية بحق النساء والأطفال والمدنيين.
رابعًا، في هذه المحكمة، قدم الطلاب مشاريع قوانين تظهر أن «إسرائيل» انتهكت عدة عناوين قانونية مختلفة، ويمكن تقديم مشاريع القوانين هذه إلى المؤسسات الدولية مثل مجلس حقوق الإنسان، ومحكمة لاهاي، وحتى المحاكم المحلية.
ونأمل أن تكون هذه المحكمة الشعبية منارة للدول العربية الأجنبية التي تقف إلى جانب الحق لإدانة الكيان الصهيوني وتكون نقطة انطلاق لرفع دعاوى قضائية ضد هذا الكيان المصطنع ليس فقط على جرائمه في غزة، بل أيضًا على اعتداءاته المتكررة على دول الجوار.