موجة الحَرّ “المبكرة” ترهق المحاصيل الصيفية.. مزارعون يحذرون من موجات أشد عنفاً وتكاليف المواجهة تتصدر المشهد
درعا – عمار الصبح:
فرضت موجة الحر المبكرة، التي سادت خلال الأيام الماضية، نفسها على مزارعي الخضار الصيفية في درعا، الذين رفعوا من مستوى تأهبهم للمواجهة والتقليل ما أمكن من تأثيراتها على محاصيلهم، فيما تسود الخشية من أن تشهد المنطقة موجات أشد عنفاً مع دخول الصيف مرحلة الذروة.
مزارعون وصفوا موجة الحر بـ”الاستثنائية”، ليس فقط بسبب ما سجلته من درجات حرارة مرتفعة، وصلت إلى عتبة الـ٤٠ درجة مئوية، ولكن أيضاً بسبب توقيتها المبكر في مثل هذا الوقت من العام وطول أمدها، ما دفعهم لاتخاذ المزيد من التدابير الاحترازية للحفاظ على المزروعات.
وأشار المزارع محمد الشحمة إلى أنه قام بجهد مضاعف خلال فترة الحر للحفاظ على مصدر رزقه الوحيد المتمثل في زراعة الخيار والباذنجان، والتقليل ما أمكن من تعرضه للإجهاد الحراري، من خلال سقي الأرض مرتين يومياً صباحاً ومساءً، ما ضاعف – حسب رأيه – من فاتورة تكاليف الري وتشغيل مولدات “الديزل” التي تعمل على المازوت والتي تحتاج إلى أكثر من ١٠ ليترات في الساعة الواحدة، وذلك لزيادة عمليات الري وإنقاذ المحاصيل.
ورغم هذه الاحتياطات، يؤكد المزارع صعوبة الحفاظ على كامل المحصول سليماً، فدرجات الحرارة عالية وتتطلب إمكانات مادية كبيرة لا تتوفر لأغلبية المزارعين, وخصوصاً أولئك الذين لا يزالون يعتمدون على المولدات للري، لافتاً إلى أن الموسم لا يزال في بداياته وثمة احتمالية لتكرار هذا السيناريو عندما يدخل فصل الصيف مرحلة الذروة وتصبح موجات الحرارة أشد وطأة.
وتتصدر محاصيل الخضار الصيفية ومحصول البندورة سلّم الأولويات أثناء الحديث عن تأثيرات الحرارة المرتفعة، وذلك بالنظر إلى اتساع المساحات المزروعة بهذه المحاصيل، فوفقاً لأرقام مديرية الزراعة، تبلغ المساحات المخصصة لمحاصيل الخضار الصيفية، باستثناء البندورة لهذا الموسم، ٢٣٥٠ هكتاراً، وتشمل محاصيل: البطيخ الأحمر والأصفر والكوسا والخيار والفاصولياء والبامياء والملوخية والباذنجان والفليفلة وغيرها، وفيما يتعلق بالبندورة تشير الأرقام إلى أن المساحة المخططة للعروة الرئيسية لهذا الموسم تتجاوز ٢٠٠٠ هكتار.
بدوره، أوضح رئيس دائرة وقاية النبات في مديرية الزراعة المهندس حسن الصمادي، أن أبرز التأثيرات المحتملة لموجة الحر السائدة هي الإجهاد الحراري الذي قد يتعرض له النبات نتيجة الحرارة المرتفعة، ما يفرض اتخاذ المزيد من التدابير، ومنها تقريب فترات الري ما أمكن، ورشّ الأحماض الأمينية إضافة للكالسيوم للمحافظة على المجموع الخضري، لافتاً إلى أن مزارعي المحافظة متمرسون على التعامل مع مثل هذه الظروف الجوية التي تعتبر معتادة، غير أن استثنائيتها تأتي من الانتقال السريع بين درجات الحرارة، ففي الأسبوع الماضي سجلت درجات الحرارة انخفاضاً ملموساً، لننتقل بعدها مباشرة إلى أجواء حارة نسبياً، وهو ما يترك تأثيراته على النبات.
وحول واقع المحاصيل الصيفية في المحافظة، أشار الصمادي إلى أن قسماً كبيراً منها دخل مرحلة ذروة الإنتاج مثل الكوسا والخيار، فيما بدأت مؤخراً عمليات جني محصول البطيخ في بعض المناطق وستشهد الفترة القريبة المقبلة ارتفاعاً في الكميات، كما بدأ مزارعو البطاطا جني باكورة المحصول في عروته الرئيسية ذات الإنتاجية العالية.
تبقى الإشارة إلى أن تقريراً أعدته “تشرين” الشهر الماضي، كشف عن التأثيرات السلبية التي باتت تفرضها تغيرات المناخ على الإنتاج النباتي، حيث أدى إلى تراجعه بنسب تصل إلى ٣٠٪، نتيجة كثرة الأمراض التي تتعرض لها المحاصيل من جراء هذه التغيرات الجوية، ما بات يفرض – حسب المتخصصين- ضرورة التكيّف مع هذه المتغيرات من خلال استخدام الزراعة العضوية والحافظة، واستخدام أساليب الري الحديث، وكذلك استنباط الأصناف الزراعية المقاومة للجفاف، وحجز الكربون العضوي الذي أدى إلى الاحتباس الحراري.